[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]أكد الدكتور محمد البرادعى، المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن منصب الرئاسة لا يعنيه بقدر ما يعنيه التغيير، وقال "أنا كمواطن مصرى سأقدم ما أستطيع أن أقدمه كى تنتقل مصر نقلة نوعية فى طريق التقدم الاجتماعى والاقتصادى، مشيرا إلى وجود العديد من الأصوات التى دعته للمشاركة بالعمل العام.
وأوضح البرادعى خلال برنامج "الطبعة الأولى" الذى يقدمه الإعلامى أحمد المسلمانى. أن التغيير لا يتوقف على شخص واحد، بل على المجتمع المصرى كله، لأننا كشعب ندرك تماما المشاكل التى نعانيها، وكذلك سبل الإصلاح، مؤكدا أنه سيخوض غمار السياسة المصرية، بشرط أن يكون الباب مفتوحا أمامه وأمام غيره بعد أن يتم تعديل الدستور وتغييره بالكامل، بما يدعم الديمقراطية والاشتراكية والعدالة الاجتماعية.
وعبر البرادعى عن أسفه من الخشونة التى تعامل بها معه بعض السياسيين فى مصر وبعض الصحف الحكومية عقب إعلانه عن نيته للترشح للرئاسة، وقال "هذا الأمر ترك شيئا فى نفسى، لأن الموضوع تحول إلى هجوم شخصى على بعيدا عن أفكارى، مما يعبر عن ضعف الطرف الذى يهاجمنى، ويدل على تدهور القيم المصرية وعدم القدرة على النقاش بأسلوب عقلانى".
وأضاف "كان من السهل علىّ أن أستمر فى العمل العام ما بين محاضرات ألقيها فى مختلف جامعات العالم، ومؤتمرات تتعلق بالأمن الإنسانى وبالقانون وغيرها، فلدى ما يكفينى وأكثر وكان ممكن وأسهل، ولكننى ولدت مصريا وكبرت مصريا وسأموت مصريا فعلى أن أقدم شيئا".
وفى الوقت نفسه أكد البرادعى أن علاقته بالسلطة السياسية فى مصر علاقة مودة واحترام، فهناك الكثير من الأفراد الذين تربطهم به علاقة محبة، مشيرا إلى أن المسألة تتلخص فى خلاف فى السياسيات، فلا بد أن تقوم العلاقة على الحوار وليس التصادم. واعترف "البرادعى" بأن "مصر" عرضت عليه منصب وزير الخارجية عقب انتهاء ولاية "عمرو موسى"، إلا أنه رفض لانشغاله بالوكالة الدولية للطاقة الذرية، وقال "كان علىّ أن أكمل مدتى التى انتخبت فيها، وأؤدى دورى فى المجتمع الدولى".
كما أشار "البرادعى" إلى وجود صلة قرابة ونسب تجمعه بعمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية، وقال "تربينا معا فى وزارة الخارجية، وتشاركنا معا مكتب المرحوم إسماعيل فهمى، وزير الخارجية، إلا أن هذا لا يمنعنى أن أختلف معه سياسيا، ولكنه خلاف لا يفسد للود قضية".
ووصف "البرادعى جامعة الدول العربية بالجهاز الهش الذى لا يقوم بما يجب أن يقوم به، وتعيش أسوأ حالاتها، وضرب مثلا باتفاقية الدفاع المشترك التى وقعت عليها جميع الدول العربية عام 1950، إلا أن هذا لم يمنع العرب من محاربة بعضهم البعض، بالإضافة إلى غياب جميع فرص التكامل والتعاون السياسى والاقتصادى بين دول الجامعة، موضحا أن المسئولية لا تقع على عاتق الجامعة، إنما الأزمة تكمن فى الدول الأعضاء، ونفى "البرادعى" أن يكون "عمرو موسى" هو السبب فى ذلك، لأنه يقوم بما يستطيع أن يقوم به، ومع ذلك هو أقل القليل، فالدول العربية أصبحت تشكل عبئا على العالم الخارجى، لأنها لا تضيف شيئا للحضارة الإنسانية، وما زالت تتحدث لغة العصور الوسطى، وتميز بين الأديان، فنقول هذا شيعى وهذا سنى وهذا كردى، وهى لغة تجاوزها العالم منذ قرون.
واعتبر "البرادعى" إسرائيل أحد أسباب التوتر فى المنطقة العربية دون شك، فمنذ عام 1948 لم يكن لدى هدف ورؤية محددة فى التعامل مع إسرائيل سواء فى الحرب أو فى السلام حتى وصلنا إلى تصفية القضية الفلسطينية، وضرب البرادعى مثلا بمقال قرأه للكاتب الإسرائيلى "إيفى شليم" الذى صور القضية الفلسطينية بشخصين يتنازعان على تقسيم "بيتزا"، أحدهم ينظر فى كيفية التقسيم بينما يستمر الآخر فى الأكل، ووصف "البرادعى" عملية السلام بالأضحوكة، فنحن نتحدث عنها منذ عشرين عاما، وكل ما نراه لا يحقق التقدم فى القضية الفلسطينية، ففى بداية القضية كانت الدولة الفلسطينية تقوم على 44% من الأراضى العربية، أما الآن فأصبحت 22% فقط، وكان حق العودة حق مكفول أما الآن فلا يجوز لفلسطينى العودة إلى الأراضى الفلسطينية، وكانت القدس وحدة منفصلة وأصبحت اليوم جزءا من إسرائيل، وكل هذا يتم ويحدث وما زلنا نتحدث عن عملية السلام، فنحن ننتظر أن يأتى المخلص ليحقق لنا مصالحنا وهذا المخلص لن يأتى.
وأوضح البرادعى أن الدستور الفرنسى فى مادته الأولى يقول "الدولة تقوم على الديمقراطية والاشتراكية"، لكن الدستور المصرى حذف تلك الكلمة، لأننا نخاف من الاشتراكية، رغم أنها تعنى العدالة الاجتماعية وكان لدينا اشتراكية فى عهد عبد الناصر، فالاشتراكية والديمقراطية دعامتان أساسيتان للخروج من الأزمة التى نعانيها، ووصف البرادعى الدستور المصرى بالنسخة المشوهة المحرفة من الدستور الفرنسى، فهو لا يشبهه إلا فى الشكل، وضرب أمثلة بالسلطة التنفيذية التى تمتلك صلاحيات كبيرة غير موجودة فى الدستور الفرنسى، وكذلك فإن السلطة التشريعية لها سلطات أكبر فى الدستور الفرنسى منه فى الدستور المصرى.
وأوضح البرادعى أن التوجهات الفكرية المختلفة من ناصريين وإسلاميين وليبراليين وغيرهم موجودة فى جميع دول العالم، ولكن بأسماء مختلفة، وعلينا أن نسأل سؤالا واحدا هل نحن ديمقراطيون أم لا؟، وأضاف: "إذا كان لدى ديمقراطية وحوار سلمى فسيكون لدى كل هذه التوجهات، وأهلا بها ومرحبا، وهذه ظاهرة صحية، وسواء أكان الإخوان المسلمون أو الشيوعيون أو غيرهم فكل فرد منهم له قطعة فى أرض مصر لا بد أن يشارك فيها بتفكيره أو قدراته فى حال أن احتكمنا إلى الديمقراطية، وضرب مثلا بالنمسا التى يحكمها الحزب المسيحى، ولكن كل فرد متاح له الحديث والتعبير فى إطار الديمقراطية.
وحذر البرادعى من أن تصل بعض القوى السياسية إلى الحكم ولا تترك الفرصة لغيرها، وقال"لا بد أن نضع ضمانات حتى لا يحدث ذلك، ولكن الشعب يحمى حقه فى التداول السلمى للسلطة"، وتساءل "هل السلطات الموجودة حاليا فى العالم العربى تقبل بمبدأ تبادل السلطة؟، وضرب البرادعى مثلا بغانا التى تمت فيها الانتخابات منذ 6 أشهر، وخسر الحزب الحاكم الانتخابات التى جرت فى مناخ ديمقراطى.
وربط البرادعى بين الأمن القومى وسمعة الدولة المصرية، فمن حق أى دولة أن تدافع عن أمنها القومية دون أن الإخلال بمسئوليتها نحو المجتمع الإنسانى، وقال "لا أجد تعارضا بين الأمن القومى المصرى ووفائها بمسئوليتها فى تقديم المساعدات الإنسانية لغزة، وفى رأيى فإن المجتمع الدولى كله خذل غزة، ووصفها بأكبر سجن فى العالم نتيجة الحصار المفروض عليها". وطالب البرادعى بغلق الأنفاق وفتح المعابر وإنشاء منطقة حرة فى رفح يتسوق فيها الفلسطينيون، ثم يعودون إلى غزة مرة أخرى.
ووصف "البرادعى" صدام حسين بالدكتاتور الذى نكل بشعبه، مشيرا فى الوقت نفسه إلى أن العراق كان خاليا من السلاح النووى، ووفق تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية التى أكدت أننا لم نر أى دلائل على امتلاك العراق للسلاح النووى. وأكد "البرادعى" أن حرب العراق قامت على الخداع ومخالفة القانون الدولى وما نراه اليوم هو تأكيد لمصداقية الوكالة التى حصلت على نوبل لموقفها فى العراق، ووصفتنى لجنة الجائزة بالمدافع الذى لا يهاب، لأنى تصديت للولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
وأشار البرادعى إلى أن إيقاف البرنامج النووى الإيرانى لن يوقف العقول الإيرانية عن التفكير، ولن يوقف العلم، فما تستطيع الولايات المتحدة أن تفعله أن تؤجل البرنامج عاما أو عامين، وإذا ضربت إيران فسيصبح برنامجها النووى ذا أولوية كبيرة، وضرب إيران سيجمع كل الإيرانيين خلف النظام