بروتوكولات حكماء صهيون

بسم الله الرحمن الرحيم
كما أشرت في المداخلة السابقة، فإن "عجاج نويهض" وهو كاتب لبنابي "درزي" عاش في فلسطين منذ أعقاب الاحتلال الفرنسي للبنان وسوريا وحتى العام 1948 أي بعد اغتصاب فلسطين، قد وضع كتابه في 351 صفحة.
وقد خصص الجزء الأول منه وحتى الصفحة 192 للبحث في اليهودية العالمية وعلاقتها بالبروتوكولات وتحليل الشخصيات المؤثرة والبارزة في عالم اليهودية والصهيونية.
أما الجزء الثاني (من ص 197 إلى ص 310) فسرد فيها البروتوكولات.. وختم كل ذلك بفصل أسماه "الجراثيم الخبيثة في مخطط ابروتوكولات" وفصول تحليلية صغيرة أخرى للبروتوكولات كما يراها المؤلف.

سوف أحاول بعون الله أن أنقل لكم ملخصا للجزء الأول من الكتاب ما أمكنني ذلك وأسعفني الوقت.
والتمس إليكم العذر لما قد يرد في النص من أخطاء في الطباعة او عدم وضوح بسبب الاختصار والإيجاز.



بروتوكولات حكماء صهيون
أولا : مامعنى بروتوكولات حكماء صهيون

على الرغم من مضي قرابة القرن على ترجمة النص الروسي لهذه البروتوكولات إلى اللغة الإنجليزية (في أعقاب الحرب العالمية الأولى)، إلا أن من الواضح أنه ليس لها مفهوم واضح عند غلبية العرب والمسلمين.
ويصعب القول أن هناك من الساسة العرب من أحاط بها وبمقاصدها الجهنمية، ولم نسمع حتى الآن عمن نبه منهم من مخاطرها على الأمة والعالم.
وليست صحافتنا بأفضل حال من ساستنا، إذ لم يلتفت رجال الصحافة العرب إلى هذه البروتوكولات اللهم إلا بالإشارة إليها من بعيد، وفي كثير من الأحيان كانت إشاراتهم بشئ من التشكيك بصحتها تمشيا مع مصادرهم المترجمة والتي تحاول ذر الرماد في العيون وإبعاد الشبهة عن وجود "اليهودية العالمية" كشبكة جهنمية للتحكم في مصائر الشعوب والأمم.
وليس الرأي العام العالمي بأحسن حالا منا، فقد جاء في الطبعة الإنجليزية الحادية والثماين لكتاب "الاستيلاء على العالم بحكومة عالمية – أو بروتوكولات حكماء صهيون" أن ما بيع من مجموع الطبعات السابقة "باللغة الإنجليزية يزيد عن مليون نسخة.
ومنذ 1948 ونحن نردد مارتكبه اليهود في فلسطين من فظائع دموية وحشية، كمذبحة دير ياسين، زطبريا وناصر الدين واقبية وغزة وخانيونس والمجازر الصامتة أبان احتلالهم لقطاع غزة (1956)، وما فعله جيشهم من جرم فاحش في سيناء من قتل الأسرى المصريين، وصبرا وشاتيلا، وفظائعهم في الجنوب اللبناني، وسلسلة الجرائم التي لا تعد ولا تحصى في الضفة والقطاع منذ العام 1967 حتى اليوم. كل ذلك يمثل منهجية تلمودية صهيونية تسير وفق مخطط لم يكلف أحد نفسه عناء البحث عن الأساس الباعث عليه والسر الرهيب الكامن في النفسية اليهودية.
الصهيونية قفاز خارجي لليهودية العالمية
اليهودية العالمية حركة سريةانبثقت عن التلمود الرهيب الذي كان بأصله بضع مجلدات، وصار منذ ثمانية قرون 12 مجلدا، وأضحى اليوم بطبعته الإنجليزية 36 مجلدا من القطع الأوسط!! والتلمود مستودع شرور اليهود، بدأوا يضعونه بعد جمع أسفار التوراة بنحو قرنين.
وقد أقفل باب التوراة منذ أكثر من 22 قرنا، بع جمع الأسفار وتداولها والرجوع من بابل. أما التلمود فهو الذي علا على التوراة بما فيه من أساطير غريبة وتلفيقات ممجوجة (فهو مستودع شرورهم).
ولم يعرف العرب عن التلمود إلا النذر اليسير، اللهم إلا ذوي الاختصاص من الدارسين في العلوم اللاهوتية وما شابه ذلك، وهم قلة لا تذكر.
ومن التلمود استمد واضعوا البروتوكولات في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، روح سفك الدماء والتنكيل بوحشية بضحاياهم، والحقد الأسود على كل ماهو غير يهودي.
استمدت البروتوكولات من التلمود المخطط الذي وضعه رجال المال والاقتصاد اليهود لتخريب المسيحية والبابوية ومن ثم الإسلام. وهذا التخريب الذي قرر أصحاب البروتوكولات أن يتم خلال 100 سنة (أي قبل 1997)، يعتقد اليهود انهم سيقيمون ملكا يهوديا داووديا، له من الحيلة والوسيلة مايمكنهم وهم أقلية ضئيلة، من حكم العالم بأسره حكما أوتوقراطيا، ولا يجاور الدين اليهودي التلمودي دين آخر، لا مسيحية ولا إسلام.
وتنسف الحضارة القائمة نسفا تاما.
و"إسرائيل" المصطنعة في أرض فلسطين ليست إلا قفازا لليهودية العالمية.
مامعنى بروتوكول:
في اللغة هي مسودة اتفاق أو معاهدة أو وثيقة بالمعنى الرسمي لدى الحكومات. وتعني أيضا قواعد السلوك، وأعراف الأصول الدبلوماسية ومصطلحاتها، والصيغ الرسمية للوثائق الدبلوماسية.
أما المقصود ب"بروتوكولات حكماء صهيون" فهي الصيغة التي دونت بها مقررات العصابة المعروفة "بالحكماء".
و"الحكماء" هم الشيوخ المتسيدين للقرار وأصحاب القيادة من الناحية الدينية اليهودية، وقد تجاوزت هنا المعنى الديني المجرد لاختلاط الأمور عندهم بين الظاهر والخفي، لتشمل في معناها اليوم أصحاب النفوذ في السياسة واالاقتصاد والصناعة، والأحزاب الخفية والحركات التخريبية الهدامة، وخلع الملوك والحكام ونسف العهود، والتآمر والقتل والاغتيال.
و"الحكماء" مشتقة من "الحاخامات" أو "الربّي" أو "الربّاني" وهي ألفاظ وردت في القرآن الكريم (ربيون - آل عمران 146) و (ربانيين – آل عمران 79) و (الربانيون – المائدة 47، 66) ووصفها الزمخشري في "الكشاف" بأنها "منسوب إلى الرب بزيادة الألف والنون مثل رقباني ولحياني" وقال الحسن: ربانيين أي علماء ومعلمين.
أما الكتاب اليهود من ذوي الاختصاص فيقولون: "راب" بمعنى معلم أو أستاذ أو عالم كما تستعمل لعلماء التلمود العراقيين "راب حزقيال" مثلا.
وكلمة "ربّي" بالإضافة على ضمير المتكلم مع حذف الألف للتخفيف فتستعمل لعلماء التلمود في فلسطين مثل "ربّي عزرا".
أما كلمة "ربّاني" فهي أعلى من "ربّي" و"رابّ" ولا يختص بها إلا شوامخ العلماء من أمثال "غملائيل الأول" و"سيمون بن غملائيل" و"يوحنان بن زكاي" (القرن 1ً،2ً في فلسطين).

أما المعنى في "بروتوكولات حكماء صهيون" فهي عصابة كبراء اليهود السرية التي تجدد كيانها الخفي في أثناء الثورة الفرنسية، ووالت سيرها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر في أيام كارل ماركس، ونشطت بقوة في رمسيا القيصرية في الربع الأخير من نفس القرن.
ثم عقدت مؤتمرها الصهيوني العالمي الأول في العقد الأخير منه برئاسة د. تيودور هرتزل في بزل بسويسرا 1897. وفي هذا المؤتمر السري وضعت البروتوكولات، ويعتقد أنها قد أعدت قبل ذلك بواسطة "آشر جنزبرج (غنزبرغ)" من يهود أوديسّا في ( أوكرانيا) وهو مشهور كان يكتب باسم "أحد ها عام" أي أحد العامة أو أحد أفراد الشعب، وقد هاجر إلى فلسطين بعد الحرب العالمية الأولى والثورة البلشفية الروسية وأقام ومات فيها سنة 1927 بعد أن عمل 60 سنة في سبيل الصهيونية.
وهذه المقررات "البروتوكولات" كانت قد أعدت لتعرض على المؤتمرين في بازل لبحثها وتنقيحها وإقرارها خلال المؤتمر الذي استمر عدة جلسات، حسب ماورد في نصوصها. وقد دهم البوليس السري القيصري الروسي، المؤتمر أثناء انعقاده في عملية خاطفة للاستيلاء على أوراق المؤتمر، فكانت أوراق هذه البروتوكولات ضمن ما استولوا عليه في عمليتهم الناجحة.
و"صهيون" بالأصل اسم تلة أو رابية في "أور سالم – أورشاليم (كما حرفت بالعبرية) – بيت المقدس"
زمن اليبوسيين (العرب)، وسكنها الكنعانيون (العرب) قديما وهم أهل فلسطين قبل اليهود بآلاف السنين، وعندما عاد اليهود من سبي بابل وجدوا اليبوسيين فيها على حالهم، وهكذا وجدوا لفظة صهيون اليبوسية تطلق على ذلك التل في القدس "فاقتبسوها" كما اقتبسوا (حديثا) نجمة كنعان السداسية وأقتبسوا أشياء كثيرة لينسبوها إلى أنفسهم.
وعلى تلة صهيون ابتنى داؤؤد عليه السلام قصره، وصار "صهيون" مع الزمن يرمز إلى الحكومة اليهودية الدينية، و"عشاق (أحباء) صهيون" منظمة علنية – خفية غاية في الفظاعة أنشأها اليهود في روسيا القيصرية بعيد منتصف القرن التاسع عشر، وعملت على هدم القيصرية في روسيا عن طريق الإرهاب والدسائس أي بالأسلوب الصهيوني.
وقد عنيت هذه المنظمة بفلسطين قبل هرتزل بعدة عقود، وانتمى إليها معظم البارزين من اليهود في ذلك الوقت، ومنهم: والد حاييم وايزمن وكيش وبن غوريون وبنتويش ووسولوكوف صاحب كتاب "تاريخ الصهيونية" وغيرهم. وهذه المنظمة العنيفة أول من أخذ يرسل جماعات اليهود إلى فلسطين أواخر القرن التاسع عشر.
وقد اغتال الإرهابيون قيصر روسيا "اسكندر الثاني في 13-مارس-1881، ويقول موسى سميلانسكي أن حكومة روسيا اعترفت بمنظمة "عشاق صهيون" سنة 1890-91، وسميلانسكي هذا معروف جيدا لدى عرب فلسطين وقد جاء فلسطين في تلك الفترة وكان منتميا إلى "عشاق صهيون".