د.عزمي بشارة
03/08/2006
الطائرة القاذفة المقاتلة جوهر المدنية الحديثة وآلهتها وعلامتها الفارقة. إنها نتاج اجتماع كل العلوم سوية وتحييد كل الأخلاق والقيم. إنها اجتماع آلهة الليزر والميكرو اوبتكس والميكرو الكترونكس والهاي تيك والايروديناميكس، والدقة والضبط والتحليق والتوجيه والتصويب والتدمير. وهي صناعة نظيفة دقيقة، تضاهي مصانعها ومهاجعها ومرائب صيانتها دور العبادة ارتفاعا. لا تصنع إلا في دول متطورة جدا وفي شركات صناعية ضخمة، ويجتمع في تركيبها النساء والرجال في مجتمع المساواة الحديث وبأجور مرتفعة. ولا تسلم قيادتها إلا للأفراد المتميزين، إنها نتاج الفردية المطلقة والعمل الجماعي الممأسس في آن. يجسد العاملون فيها مجتمع الانجازات، إنهم النخبة، الممتازون، المتفوقون، المختارون، العرق الآري الجديد.
وكما في آلهة المجتمع الاستهلاكي يتم تغيير طراز الآلهة كل بضعة أعوام، أخذا بعين الاعتبار العرض والطلب والتطورات والاكتشافات والحفاظ على تفوقها على آلهة الشعوب الأخرى.
***
تحول الطائرة القاذفة المقاتلة الفعل غير الأخلاقي إلى فعل لا أخلاقي، يحلق فيما راء الخير والشر. كما هو الحال عندما ترتكب الآلهة عملية قتل واغتيال، أو تتلذذ بذبح قرابين. لا يرى الطيار الدم ولا يرى الحربة أو الرصاصة وهي تخترق جسم ضحيتها. لا يتعفر بالتراب،