مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجوا منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا. إن لم يكن لديك حساب بعد, نتشرف بدعوتك لإنشائه
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجوا منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا. إن لم يكن لديك حساب بعد, نتشرف بدعوتك لإنشائه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
كلمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه

 

 عرض لكتاب منعه مبارك 'داخل مصر.. ارض الفراعنة على حافة الثورة

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
زين العابدين عبد المنعم
عضو ذهبى
عضو ذهبى



عدد المساهمات : 2091
تاريخ التسجيل : 05/08/2010
عرض لكتاب منعه مبارك 'داخل مصر.. ارض الفراعنة على حافة الثورة Flag
الموقع : سواح

عرض لكتاب منعه مبارك 'داخل مصر.. ارض الفراعنة على حافة الثورة Empty
مُساهمةموضوع: عرض لكتاب منعه مبارك 'داخل مصر.. ارض الفراعنة على حافة الثورة   عرض لكتاب منعه مبارك 'داخل مصر.. ارض الفراعنة على حافة الثورة Emptyالسبت أغسطس 20, 2011 3:40 pm

'داخل مصر.. ارض الفراعنة على حافة الثورة' لجون برادلي: عن ثلاثية الفساد والقمع والفقر


د.عماد عبد الرازق

' في مقابل كل خطوة سارها عبد الناصر الى اليسار، سار السادات خطوة الى اليمين. اما مبارك فهو يقول: لا تتحرك' .

هذه النكتة التي تتداولها الالسن في الشارع المصري، يوردها الصحافي البريطاني جون برادلي، في كتابه 'داخل مصر..ارض الفراعنة على حافة الثورة INSIDE EGYPT: THE LAND OF THE PHAROHS ON THE BRINK OF A REVOLUTION'، الذي صدرت طبعته الاولى في ايار (مايو) 2008 عن دار نشر 'بالغريف ماكميلان' في الولايات المتحدة.النكتة تلخص في رأيه محنة مصر الحالية، حين يرصد تفشي حالة من السلبية في اوساط المصريين مقرونة بتوقعات ان يمدهم 'الاخرون' باحتياجاتهم، ويردها الى عهد عبد الناصر، حيث تم الحط من قيمة المنافسة كمبدأ يستحث الناس على التقدم والابداع والابتكار.في المقابل فان المنافسة التي شجعها السادات بعد تبنيه سياسة الانفتاح، لم تكن تعني الخلق والابتكار، بل الحصول على مزايا من الدولة. والنتيجة النهائية- كما يقول المؤلف - هي ان عهد مبارك يجمع بين اسوأ ما في العالمين او التجربتين، الناصرية والساداتية.

هذه المقارنة التي ترد في الفصل الثامن والاخير من الكتاب بعنوان 'مصر بعد مبارك'، تشير من ناحية اخرى الى منهج الكتاب الذي ينطلق من تحليل اسباب فشل ثورة 23 يوليو من وجهة نظره في الفصل الاول بعنوان 'ثورة فاشلة'، ليقفز بعد ذلك سريعا على عهد السادات، الا انه يعود مكررا الى عهد عبد الناصر في مواضع عدة من فصول الكتاب ليرصد منشأ العديد من العلل المصرية الحالية.وهذا في رأينا خلل اساسي في الكتاب، ليس لنقده عصر عبد الناصر وانما لتجاهله تركة السادات، والتي ترسبت وترسخت العديد من اثقالها وعللها في عهد مبارك، خاصة وان السادات كان اول من تحدث عن فكرة 'التركة' هذه، حين قال في احدى خطبه 'ان عبد الناصر ترك له تركة مثقلة'.وهذا ما لم يقله مبارك عن السادات، لاسباب لا تحتاج لشرح او اسهاب، بل انه عمل طوال ربع قرن على تعميق هذا الارث الساداتي وترسيخه على كل صعيد، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.ولنفس هذه الاسباب فان النكتة المصرية اعلاه على طرافتها لا تعبر تماما عن واقع الحال، فليس صحيحا بالمرة ان شعار 'لا تتحرك' يعبر عن عهد مبارك، بل العكس تماما. فإلى جانب ترسيخ ميراث السادات وتعميقه، شهد الربع قرن الاخير، تدهورا على كافة صعد الحياة المصرية تقريبا، وهو ـ وللمفارقة - ما يفصله الكتاب ويسهب في شرحه وتحليله بل والتنبؤ باحتمالات المستقبل الحبلى بالتوقعات، وهو بالتأكيد انجازه الاساسي، في وقت تغيب فيه او تندر الكتب التي تتناول الحالة المصرية، ربما باستثناء كتاب 'ماذا حدث للمصريين؟' للدكتور جلال امين، استاذ الاقتصاد في الجامعة الامريكية بالقاهرة، والذي يذكره برادلي على نحو عابر.

عصر الضياع وفقدان الكرامة

في الفصل السابع بعنوان 'الكرامة الضائعة 'Lost Dignity يسلط المؤلف الضوء على مدينة الاقصر الغنية بالاثار الفرعونية في صعيد مصر، كاشفا جانبا خفيا من الحياة السرية للمدينة وعالم الزيجات الانتهازية غير المتكافئة بين اجنبيات عجائز وشبان مصريين في مقتبل العمر يسعون الى هذه الزيجات بوصفها قارب النجاة الوحيد المتاح امامهم لانتشالهم من الفقر المدقع والبطالة المتفشية.وبعد استعراض كتالوغ من العلاقات المشينة والفضائحية والتي تنتهي بعضها نهايات مأساوية، يخلص الكاتب الى نتيجة مفادها 'انه اذا كانت عطية ناصر الى المصريين انه منحهم احساسا بالكبرياء والفخر، فان لعنة مبارك تتمثل في انه خلق مناخا ثقافيا باتت الصفات الشخصية الوحيدة الممكنة فيه هي الانتهازية المشينة وافتقاد الكرامة.في بلد تقوم القطط السمان بنهبه على نحو محموم، وباتت فيه فضائح الوزراء الذين ينهبون ملايين الدولارات ويهربونها خارج البلاد الى البنوك الاجنبية روتينا يوميا، تصبح السرقة والخداع هي الطريق الوحيدة للمضي للامام في نظر الكثيرين'.( 195 (.
ويستشهد المؤلف في بداية هذا الفصل بالمخرج الراحل يوسف شاهين الذي كان يكن احتقارا شديدا للنظام العسكري المصري، وينقل عنه قوله في حديث ادلى به لصحيفة الكترونية في المانيا اسمها 'قنطرة': 'نحن نعيش في ظل ديكتاتورية مطلقة'.وعبر شاهين في الحوار ذاته عن فقدانه لأي امل ان تصبح مصر بلدا حرا ومتحررا في المستقبل، واصفا الاجيال الجديدة من الشباب بأنهم حشد من الارواح الضائعة بلا هدف لا هم لهم سوى مغادرة الوطن. ويقول شاهين' انا اراهم كل يوم مصطفين امام ابواب السفارات الالمانية والفرنسية، الجميع يريدون الهجرة.كنت دائما اقول للشباب لا تهاجروا..اذا كنتم قد تعلمتم فنحن نريدكم هنا.كنت 'دقة قديمة' في حينها لا افكر الا في جمال وطني.اليوم اقول لهم ارحلوا، ليس هناك من فرصة امامكم هنا.البلد غارق في الفساد.وببقائكم هنا ستصبحون فاسدين'.
هكذا اصبحت الوطنية قرينا لتفكير 'عفا عليه الزمن'، وهو اكثر ما يثير الحزن في كلام شاهين، على حد قول المؤلف.والفساد، ذلك الغول المعدي، هو بالضبط ما يصيب العديد من الشباب المصريين الذين تغلق امامهم ابواب الهجرة او الهروب، وهؤلاء هم المحظوظون، اذا جاز التعبير، فالاقل حظا هم هؤلاء العشرات الذين تنتهي بهم محاولاتهم للهروب من الوطن في قاع البحار، كما تشهد بذلك مآسي قوارب المهاجرين الغارقة. في هذا السياق يستعير المؤلف عبارة شكسبير من مسرحية 'الملك لير': بأن الأسوأ ليس حقيقة الأسوأ..طالما انه لا يزال بوسعنا القول هذا هو الأسوأ.( 198).


هل مصر دولة فاشلة؟

يخصص المؤلف الفصل السادس للفساد المتفشي في كل نواحي الحياة في مصر تقريبا، وكيف انه يتراوح من سائق التاكسي الذي يتحايل للحصول على بضع جنيهات زائدة عن الاجرة، وليس انتهاء بتزوير الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم الانتخابات عام 2005، والتي فاز فيها الرئيس مبارك الذي يحكم البلاد منذ عام 1981 بدورة رابعة، عن طريق اعادة ترشيح نفسه عبر البرلمان ثم اقرار هذا الترشيح عبر استفتاء دون أي معارضة تذكر.ليس هذا حكم المؤلف، بل تقريرا صادرا عن 'صندوق السلام FUND FOR PEACE'، وهي منظمة حقوقية مستقلة لابحاث التعليم مقرها واشنطن.نفس هذا الصندوق وضع مصر في المرتبة السادسة والثلاثين من بين 177 دولة اخرى اعتبرت في عداد 'الدول الفاشلة'.وهو مصطلح يمكن ان يعني اما ان الدولة فقدت السيطرة المادية على اراضي البلد، كما في الصومال وافغانستان، او انها فقدت سلطتها في تنفيذ القرارات وتقديم الخدمات الاساسية لمواطنيها، وان تعمل ككيان متكامل ومتجانس والممثل الوحيد للبلد على الصعيد الدولي.ويضع الصندوق 12 معيارا لقياس مدى فشل الدولة، وقد حصلت مصر على 9 من 10 على معيار تجريم الدولة وافتقارها للشرعية وهو ما يمكن ان يعني 'تغلغل الفساد على نحو وبائي، او تكسب النخب الحاكمة ومقاومتها للشفافية، والمساءلة والتمثيل السياسي للناس ومصالحهم، وتفشي فقدان الناس في مؤسسات الدولة على نطاق واسع، ونمو وانتشار عصابات اجرامية على صلة بالنخب الحاكمة.كما حصلت مصر على 8.5 من 10 على مقياس تعليق العمل بالقوانين او تطبيقها تعسفيا، وتفشي انتهاكات حقوق الانسان، وتفتت النخب وتشرذمها الى مجموعات نفعية تحكمها ولاءات ومصالح انانية مشتركة، واستخدام الشعارات القومية البلاغية الجوفاء من قبل النخب الحاكمة.وينقل المؤلف عن الصحافي مجدي الجلار، رئيس تحرير 'المصري اليوم' قوله في كلمة القاها ضمن ملتقى بحثي بعنوان 'نحو مزيد من الشفافية في الاسواق المحلية'، ان هناك حالة فساد تسجل كل دقيقتين في مصر، وان نسبة لا تتعدى واحد من عشرة من هذه الانتهاكات يتم ضبطها.

وفي تقرير آخر اعدته جماعة 'كفاية' المعارضة في نحو 220 صفحة، يشير المؤلف الى مناحي الفساد العديدة، بدءا من توزيع المبيدات المسرطنة بواسطة وزارة الزراعة في عهد يوسف والي (1981- 2003)، وقائمة باسماء رجال اعمال وبرلمانيين متورطين في قروض بنكية غير قانونية تقدر ببلايين الدولارات، وعمليات تزوير ارقام البطالة والتضخم طوال ربع قرن من سوء ادارة الاقتصاد، فضلا عن تفشي الفساد، والكوارث الطبية في مستشفيات الحكومة نتيجة اهمال الاطباء الذين يتقاضون مرتبات هزيلة.

فضلا عن انتشار التعذيب وظاهرة اطفال الشوارع، وعددهم في القاهرة وحدها يتجاوز مليون طفل. ويصف التقرير الفساد بانه مرض عضال اصاب كل اعضاء المجتمع واجهزته الحيوية، بدءا من الضابط الذي يتقاضى 5 جنيهات ليتغاضى عن مخالفة مرور، وصولا الى اعلى مراتب الدولة وحتى الرئيس نفسه الذي يصفه التقرير بالمفسد الاكبر.
ويختتم المؤلف هذا الفصل الحافل بشهادات وتقارير لمنظمات دولية ومصرية حول حجم الفساد في مصر، بشهادة للكاتب الروائي صنع الله ابراهيم قدمها امام وزير الثقافة ونخبة من المثقفين والادباء بمناسبة منحه جائزة الرواية من 'نادي القصة' 2003، والتي قال فيها 'ليس لدينا مسرح ولا سينما ولا بحث علمي ولا تعليم، لدينا مهرجانات ومؤتمرات وحفنة من الاكاذيب.ليس لدينا صناعة ولا زراعة ولا صحة ولا تعليم ولا عدالة، الفساد والنهب ينتشران وكل من يعترض عليهما يتعرض للمهانة والضرب والتعذيب.وقد القت بنا الاقلية الانتهازية في واقع رهيب'.وقد اعلن ابراهيم في ختام كلمته رفضه تقبل الجائزة لانه صادرة عن حكومة ليس لديها مصداقية تخولها منح الجوائز اصلا، على حد قوله.

التعذيب: ضحاياه وجلادوه..ادواته وطرقه

في الفصل الخامس الذي يخصصه المؤلف للتعذيب، يتتبع وقائع مأساة صبي في الثالثة عشرة من عمره قبض عليه لأنه سرق باكو شاي وتعرض لتعذيب شرس أدى في النهاية الى وفاته.ويستخلص المؤلف من هذه وحوادث وممارسات اخرى عديدة ان هناك ثقافة للتعذيب متفشية في المجتمع وانها' لا بد وانها كانت موجودة منذ وقت طويل، تحميها ترسانة من القوانين الملتوية، في مقدمتها قانون الطوارئ الذي تحكم به مصر من عدة عقود، ومن ثم باتت ممارسات التعذيب بمعزل تام عن اجراءات تطبيق القانون التي نشأ التعذيب اصلا كأحد وسائله، بل صار التعذيب غاية في حد ذاته'. والاخطر من هذا، يشير المؤلف الى ان دراسات اجريت على جرائم التطهير العرقي والابادة الجماعية، بينت ان اشخاصا عاديين جدا ومواطنين شرفاء وصالحين يمكن ان يتحولوا بمنتهى البساطة الى قتلة ومعذبين اذا ما كان النظام القائم يخلق بيئة تضمن حصانة هؤلاء الذين يتورطون في جرائم من هذا النوع، بل انهم يصيرون اكثر جرأة وشراسة كلما ادركوا انهم فوق القانون.وهذا بالضبط هو ما فعلته الدولة المصرية وساهمت في انتشار التعذيب.

وفي هذا الصدد يكشف المؤلف عن ارقام ذات دلالة هامة، حيث يشير الى ان ميزانية قوات الامن تبلغ 1.5 بليون دولار، اكثر من ميزانية الرعاية الصحية، ويبلغ عدد قوات الامن 1.4 مليون جندي، وهو رقم يبلغ اربعة اضعاف القوات المسلحة.ووفقا لمنظمة حقوق الانسان المصرية، فان عدد السجون تضاعف عشر مرات في الخمسة والعشرين عاما الماضية، في حين ان تعداد السكان لم يتضاعف سوى مرتين في الفترة ذاتها، وفي حين ان عدد المعتقلين لاكثر من عام دون توجيه اتهامات او محاكمة زاد عن عشرين الفا. وذلك وفقا لتقرير منظمة حقوق الانسان المصرية.وعن تقرير اخر للمنظمة نفسها صدر في 2007، نقرأ تفاصيل عن اعداد ضحايا التعذيب الذين يقدرون بالمئات في العقود التالية 'التعذيب في مصر منهجي ومنتظم، على النقيض تماما من مزاعم وزارة الداخلية، ليس مجرد حالات فردية.وبين عامي 1993 وتموز/يوليو 2007 تم توثيق 567 حالة تعذيب، توفي 167 منهم كنتيجة مباشرة للتعذيب.ولا تمثل هذه الاعداد سوى قمة جبل الجليد، فهناك المزيد من المئات الذين لم يكتب لهم بعد ان يروا ضوء النهار.وفي هذا يشير المؤلف الى ان المعتقلين في مصر- وكما هو متوقع- يحرمون تماما من أي اتصال بالعالم الخارجي، وبالتأكيد بأهلهم وذويهم، بل هناك العديد ممن يعتقلون في سرية تامة. وهؤلاء واولئك نادرا ما يشار الى اعتقالهم، بل كل ما يعرف عنهم هو انهم 'اختفوا' فجأة. اما اكثر وسائل التعذيب استخداما في المعتقلات المصرية فتتضمن الضرب المبرح، والصدمات الكهربائية، والتعليق من الرسغين، او الكاحلين، او في اوضاع صعبة لفترات طويلة، الى جانب تهديد المعتقلين اذا لم يعترفوا بان اهاليهم سيتم قتلهم او اغتصابهم او انتهاكهم جنسيا بطرق مختلفة. هذه الوسائل قد تبدو مألوفة جدا للقارئ 'الغربي'، حسب المؤلف، لسبب بسيط جدا، هو ان هذه الوسائل تحيل مباشرة الى فضيحة التعذيب الكبرى التي صدمت العالم في السنين القليلة الاخيرة، ويعني بها ابو غريب، حيث تابع العالم صور العراقيين عراة، معصوبي العينين، مكومين فوق بعضهم البعض، او تحت تهديد الكلاب، وكأنما لا جديد تحت الشمس. (اخبرني صديق مطلع، ان الذين مارسوا عمليات التعذيب الفعلية في ابو غريب كانوا ضباطا وجنودا عربا، واكتفى الامريكان بالظهور في الصور، والعهدة على الراوي).

وهنا يورد المؤلف شهادة مدهشة ودامغة في الوقت نفسه، ادلى بها وزير الخارجية الامريكية الاسبق كولن باول، وحتى قبل ان تتخذ 'الحرب على الارهاب' شكلها المتكامل، عبر فيها عن امتنانه 'لالتزام مصر الشديد بالعمل معنا من اجل مكافحة افة الارهاب.ومصر- كما نعرف جميعا- سبقتنا اشواطا في هذا المجال.وامامنا الكثير الذي يمكن ان نتعلمه من المصريين، والكثير مما يمكن ان نحققه بالعمل سويا'.ومن ابرز اوجه هذا التعاون، كما تبين لاحقا، في مجال استجواب المعتقلين والمشبوهين وبالاحرى استنطاقهم، وهو ما تم تنفيذه تحت ما يعرف ببرنامج 'التسليم الاستثنائي'، وهي عبارة مهذبة لاخفاء سياسة ترحيل المعتقلين سرا الى بلدان العالم الثالث من حلفاء امريكا، حتى يتم انتزاع الاعترافات منهم تحت التعذيب، ويكون باستطاعة العم سام ادعاء البراءة بان اميركا لا تمارس التعذيب ولا تقره، وايضا حتى لا يقع ممارسو التعذيب تحت طائلة القانون الامريكي.( هل يكون لدينا ادنى شك بعد ذلك في صحة الزعم بان التعذيب في ابو غريب كان بواسطة اياد عربية 'كريمة'!).

اما عن ادوات التعذيب، فحدث ولا تخف، اذ يعدد الملف منها حفنة مثل مسدس الصدمة الكهربائية، والمواد الكيميائية، ومحاليل لحث الضحايا على الاعتراف.وقد سجلت منظمة العفو الدولية اكثر من خمسين مصنعا لإنتاج مسدسات الصدمة الكهربائية في الولايات المتحدة، وهؤلاء يواجهون منافسة شديدة من بلدان اخرى في مقدمتها المانيا ( 30 شركة)، تايوان (9) فرنسا (14) وكوريا الجنوبية (13)، والصين (12)، وجنوب افريقيا (9)، واسرائيل (Cool والمكسيك (6) وبولندا (4)، وروسيا (4) والبرازيل (3).وبما اننا نتحدث عن منافسة دولية، فلا بد ان كل هذه الشركات تصدر منتجاتها الى العالم الثالث، الذي يتمتع بتراث متخم بأدوات ووسائل التعذيب.

هو ما يجعل مصر دولة بوليسية من الطراز الاول، وفقا للصحافي ابراهيم عيسى، رئيس تحرير 'الدستور'.

ويشير الكتاب في هذا الصدد الى موقف الولايات المتحدة، حيث يقول ان النظام المصري، ككل الانظمة القمعية، يدرك ان تعاونه النشط في 'الحرب على الارهاب' من شأنه ان يضمن له عدم انتقاد الولايات المتحدة لانتهاكاته لحقوق الانسان.ولهذا لم يكن غريبا حين اتهمت منظمة امريكية لحقوق الانسان الحكومة المصرية باستخدام التعذيب لانتزاع اعترافات من المعتقلين في احدى قضايا الارهاب التي اتهم فيها اكثر من عشرين شخصا ينتمون لتنظيم بعينه، تبين لاحقا ان اسماء هؤلاء تم تلفيقها كما لفقت الاتهامات والاعترافات، وكل هذا من اجل تبرير مد العمل بقانون الطوارئ.

ما بعد مبارك

يقول المؤلف 'ان المصريين لديهم قدرة هائلة على تحمل المعاناة، تثير الاعجاب والاكتئاب في نفس الوقت'. وكأنما لسان حاله يقول الى متى يتحملون كل هذا الشقاء والفساد والتدهور المستمر في كل مناحي حياتهم ونضالهم اليومي من اجل لقمة العيش التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
ويشير جون برادلي في مستهل الفصل الاخير، ان المصريين يشعرون بفخر واعتزاز كبير بتراثهم الحضاري العريق، وان هذا التراث يمنحهم نوعا من التعويض عن مشاعر الضعة والاحباط والحزن للاحوال المزرية التي آلت اليها بلدهم على الكثير من الصعد، ان داخليا او خارجيا.هذا الاحساس يمنحهم نوعا من العزاء بأن إرثهم الحضاري العريق كفيل بان يخرجهم من هذا التدهور الحاصل لهم وإن على المدى الطويل، وان 'دوام الحال من المحال'، كما يقول المثل المصري.لكنه يضيف 'قد لا يكون هناك مدى طويل اذا لم يتم التعامل بجدية وصرامة وعلى نحو السرعة، مع جملة من المشاكل والمعضلات التي تواجه مصر حاليا'. ويشير هنا الى حادثة الشائعات التي راجت في ايلول (سبتمبر) 2007 حول مرض الرئيس مبارك 'الخطير' بل وربما وفاته.وكيف ان اخبارا وتحليلات عديدة منسوبة الى مصادر مبهمة راحت تتكاثر وتنتشر كالنار في الهشيم وتتصدر الصفحات الاولى لصحف المعارضة، لم يكن المهم في هذا الصدد، غضبة الحكومة على هؤلاء الصحافيين وانزال عقوبات صارمة بالحبس عليهم، تم الغاؤها لاحقا، وانما مزيج المشاعر المتناقضة الذي سيطر على المصريين والذي يعكس المأزق الحالي للنظام، وللشعب في الوقت ذاته.كان مزيجا من الخوف والامل واللايقين.فعلى الرغم من ان الغالبية العظمى من المصريين تتطلع الى الخلاص من 'الاسرة المباركية الملكية'، بالتعبير الفرعوني، الا ان رحيله الذي بدا وشيكا آنذاك، لم يثر الغبطة والفرح بقدر ما استثار مشاعر الخوف من المجهول، خاصة مع غياب آلية مضمونة لانتقال السلطة، وتربص الابن وجمعية المنتفعين المتحلقة حوله للقفز على السلطة، اذا ما تعذر سيناريو التوريث في حياة الاب.هذا السيناريو ذاته الذي يجري الاعداد له على قدم وساق وبوتيرة متسارعة في العامين الاخيرين، هو المسؤول ربما عما يصفه المؤلف بنوع من التسليم- والاستسلام - لفكرة ان جمال مبارك آت آت لا محالة. وطالما ان سيناريو التوريث وقع بالفعل في سورية، ويجري الاعداد له في ليبيا ( الساعدي او سيف الاسلام)، وليس مستبعدا في اليمن، فضلا عن انه حدث في المغرب وفي الاردن حتى وان كان غطاء 'النظام الملكي' يكفل ذلك، الا ان ذلك في حد ذاته 'يعمم' اجواء ومناخات التوريث من المحيط الى الخليج.

ويتطرق المؤلف على نحو سريع ومقتضب الى السؤال الذي يحير الكثير من المصريين، وكل من يهتم بالشأن المصري بوجه عام، وهو ذلك المتعلق بدور المؤسسة العسكرية في سياق سيناريو- او سيناريوهات- التوريث او حتى انتقال السلطة بأي شكل كان، وهو ما يقود بالضرورة الى تناول دورها في اطار توازن القوى في اطار النظام القائم.وفي هذا يقول ان الرئيس مبارك يجسد رأس النظام المسؤول عن حكم البلد وادارة شؤونه اليومية ( وان كان الكثيرون باتوا يشككون في حجم انخراط مبارك في ادارة شؤون البلد اليومية مع تقدمه في السن)، فيما السيطرة الفعلية التي تمسك بخيوط الحكم ولكن من وراء الستار،تقع في ايدي المؤسسة العسكرية.ويشير الى ان القوات المسلحة وضعت قطاعات بعينها من الاقتصاد المصري تحت سيطرتها، ومن ثم أصبحت غير متاحة لجماعات رجال الاعمال واتباعهم. وان هذه القطاعات ليست مقصورة على مجالات الانتاج العسكري بل تمتد الى مجالات اخرى مثل شركات مياه معدنية (صافي)، وخدمات جوية، وخدمات امنية، وشركات سفر، ومصانع احذية، ومصانع معدات مطابخ، هذا فضلا عن مساحات من الاراضي ومشاريع عمرانية واسكانية، بل ومراكز للتسوق. ويصف المؤلف اداء المؤسسة العسكرية في هذا الصدد بالحنكة، حيث يتعذر انجاز أي شيء في مصر- خاصة المشروعات والصفقات الكبرى- دون علم وبالضرورة موافقة المؤسستين العسكرية والامنية، ومن ثم حصولهما على حصة من 'كعكة' المنافع والامتيازات.ومن هنا الافتراض الشائع بان المؤسسة العسكرية هي العامود الفقري للنظام.وهذا بدوره يقود الى التكهنات حول سيناريو التوريث، والذي يروج اربابه ومؤيدوه فكرة ان جمال مبارك سيكون بمثابة دماء جديدة كأول رئيس من خارج المؤسسة العسكرية. ومن ناحية، اخرى فان ضآلة ما انجزه جمال حتى الان يجعله اقرب الى صفر على الشمال، حسب تعبير المؤلف. ومن هنا تجري المحاولات الدؤوبة دائما لتسويقه كصاحب انجازات ما، ومن هذا مثلا اعلانه في مؤتمر الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم 2006 قرار مصر باستئناف برنامجها النووي المدني، كنموذج على اللحاق بالعصر. وقد تأكدت الطبيعة الاستعراضية لهذا الاعلان في لقاء آخر على هامش المؤتمر ذاته، حين اخبر مبارك الابن زمرة من الصحافيين الاجانب بان مصر لم تعد معنية بالالتزام بمبادرة الرئيس بوش للديموقراطية في الشرق الاوسط، وكرر نفس العبارات المستهلكة التي يلوكها الاعلام الحكومي الدعائي والغوغائي في احيان كثيرة، بان مصر ترفض 'أي رؤى مفروضة من الخارج تتعارض مع هويتها العربية وقيمها'، وما هي هذه القيم بالضبط؟ المزيد من القمع وتكميم الافواه والتعذيب ونهب موارد البلد في وضح النهار.كلا المحاولتين استهدفتا معالجة اثنتين من ابرز نقاط ضعف جمال، والاولى كونه يمكن ان يكون في حال صعوده الى سدة السلطة، اول رئيس من خارج المؤسسة العسكرية، ومن ثم فان مسألة استئناف البرنامج النووي يمكن ان تقربه من المؤسسة العسكرية.والنقطة الثانية هي كونه، تماما مثل ابيه، في نظر المصريين، مجرد ادوات في يدي الولايات المتحدة، ومن ثم فان تحديه 'المفترض' او المسرحي للسياسة الامريكية في المنطقة، يمكن ان يكسبه شعبية في اوساط المصريين. ومع ذلك باءت المحاولتان بالفشل، كما يقول المؤلف وكما تبين من تداعيات شائعات مرض الرئيس 'لا يزال جمال مبارك مكروها على نطاق واسع بين المصريين، ولا تزال مصر رهينة للسياسة الامريكية في المنطقة'. (مؤخرا اجترح مقاولو التوريث محاولة جديدة لانقاذ هذه لاجراء تنفس صناعي لهذه الشعبية غير الموجودة اصلا. فأثناء حرب اسرائيل الاجرامية على غزة ظل جمال مبارك مختفيا لسبعة عشر يوما، وهو الذي لا يغيب ولا اخباره يوما واحدا عن وسائل الاعلام الحكومية، وفي اليوم الثامن عشر، حين قاربت الحرب على الانتهاء، ظهر فجأة كالعنقاء من تحت الرماد، على رأس وفد من الحزب الحاكم- الذي افاق اخيرا ليرسل بعض التبرعات في محاولة لاسترداد زمام المبادرة من الجماهير والجمعيات الخيرية وبالطبع الاخوان المسلمين- وحاول ان يتقمص دور الزعيم وراح يصرخ لن ترهبنا الصواريخ! ولا احد يدري على من يعود الضمير بالضبط؟ هل يعتبر نفسه من سكان غزة او من مؤيدي حماس؟).

وهنا يتحول الكتاب الى تشخيص مأزق النظام المصري الحقيقي بين الانفتاح السياسي وبين مواصلة الطابع القمعي الاوتوقراطي وتبعات كل منهما.'فالانفتاح السياسي والاقتصادي من شأنه ان يخلق مناخا تنافسيا ويحمل في طياته مخاطر خروج الامور عن السيطرة. ومن ناحية اخرى، فان مواصلة اساليب القمع والترهيب يمكن ان تؤدي لمزيد من تراكم مشاعر الاحباط والظلم والغضب والتي تهدد بالانفجار في اية لحظة على نحو يصعب السيطرة عليه وقد ينتهي بكارثة على النظام والشعب في وقت واحد. وهناك بعد اقتصادي لا يقل اهمية.فما من احد يشكك في قدرة النظام وجلاوزته على قمع أي تمرد يجرؤ على ان يطل برأسه قبل ان يخرج عن السيطرة.لكن هذا لن يحدث بدون ثمن باهظ من رصيد النظام اولا واخيرا، لأن العامود الفقري للاصلاحات التي يتاجر بها النظام ليل نهار، هو الانفتاح الاقتصادي الذي يعتمد على جذب الاستثمارات الخارجية والمعونات والمنح وايضا على المضي في برامج الخصصة وتحرير الاقتصاد بالانتقال الى اقتصاد السوق والتخلص مما عساه تبقى من ارث النظام الاشتراكي او رأسمالية الدولة، ايا كانت التسمية. واهم الشروط الموضوعية لتحقيق هذا على الصعيد الاقتصادي هو توفر الاستقرار والسلام الاجتماعي، فمن دونهما ستهرب رؤوس الاموال الاجنبية بل لن تجيء اصلا.

المعضلة الثانية تتمثل في الدعم الذي يحظى به النظام من الولايات المتحدة.وفي هذا ينقل المؤلف وجهة نظر هشام قاسم، احد المدافعين عن حقوق الانسان، الذي روى كيف انه حين ذهب مع اربعة اخرين في تشرين الاول (اكتوبر) 2007 لتسلم جائزة من 'الوقف الوطني من اجل الديموقراطية' تقديرا لنشاطاتهم في بلدانهم، رتب لهم لقاء مع الرئيس الامريكي آنذاك جورج بوش، كجزء من التكريم. ويروي قاسم كيف ان الرئيس كان مهتما بشكل خاص عن مسار الاصلاح في الحزب الحاكم، فأخبره انه ما من اصلاح 'ولا يحزنون'، تبين ان بوش كان مهتما بكل خاص بوضع الاسلاميين. فأوضح له قاسم ان النظام فعل كل ما في وسعه لجعل ظهور او صعود الاحزاب العلمانية ممكنا ( سواء بقمعها المستمر، او بتخويفها بفزاعة الاسلاميين)، بل ان النظام لا يدخر وسعا في تشويه وتجريم كل من يجرؤ الى تحديه استنادا إلى دعم امريكي، باتهامهم بالعمالة والخيانة وغيرها من قاموس الانحطاط السياسي ( ولنا في ايمن نور وسعد الدين ابراهيم أمثلة واضحة). والنتيجة الحتمية لذلك- حسب قاسم- ان مصر ستتحول الى دولة اسلامية بحلول 2010.وهو ما اصاب بوش بغم واستياء شديد وقال 'نحن نعطي بلدك 2 بليون كل عام للحفاظ على استقرار البلد وحتى لا تصبح دولة اسلامية'. وبمثل ما كان كلام قاسم مصدر غم واستياء للرئيس، كان رد فعل بوش مصدر غم واستياء ويأس لقاسم، حين تبين له ان هدف بوش والادارة الامريكية من الدعم المستمر لمبارك ونظامه هو الاستقرار لا الاصلاح، والاستقرار في عرفه يعني وقف الاسلاميين.

وفي هذا يكمن مأزق السياسة الامريكية الذي لا يبدو ان صناع السياسة في واشنطن ينتبهون له، او يتعاملون معه بالقدر الكافي من الجدية والتخطيط على المدى الطويل.فالحفاظ على الاستقرار يعني مواصلة الدعم لمبارك ودهاقنة نظامه، وفي الوقت ذاته غض الطرف عن مراكز القوى الحقيقية التي تسيطر على مصر، وتحديدا الجيش وقوات الامن.فهذه القوى آخر ما تفكر او ترغب به هو الاصلاح، لأنه يهدد الامتيازات التي تتمتع بها، ومن بينها اموال الدعم الامريكي، ومن ثم تحرص على استمرار الوضع القائم، وعرقلة كل محاولات الاصلاح، ان وجدت اصلا.

جمهورية الخوف على وشك الانتفاض

يقول المؤلف في الفصل ذاته ان ابشع ما في نظام مبارك هو حالة الافلاس التي وصل اليها، وجعلته يتخبط على غير هدى وعلى نحو اعمى ومضطرب. فليس هناك اطار عقلاني او ايديولوجي يحكم فلسفة النظام او سياساته، وليس هناك حتى من شعارات ـ فما بالنا بالأهداف - حقيقية يمكن له ان يحشد الناس وراءها. فالفكرة القومية العربية او دور مصر الريادي في العالم العربي اخذ في التآكل والتراجع مع صعود قوى اقليمية منافسة لهذا الدور (كما اوضحت الازمات العديدة التي مر بها العالم العربي، من دارفور، الى مأزق البشير، ومرورا بحرب اسرائيل على لبنان وليس انتهاء بحربها على غزة). والمعارضة تبدو في المأزق ذاته، لان البديل الوحيد المطروح عليها هو الاسلاميون، الفصيل الاكثر تنظيما وانضباطا وقدرة على تحريك الشارع. وحتى القليل من الاصلاح الاقتصادي الذي تحقق، لم تعد فوائده الا على ارباب النظام واتباعه من حزب المنتفعين من رجال الاعمال (النهابين) الى اباطرة الاعلام وصبيانه من جنود البروباغندا الحكومية، ودهاقنة الاجهزة الامنية وكبار الضباط في القوات المسلحة، ومع حرمان الغالبية العظمى من هذه الفوائد، تزداد حالات التذمر وتختمر تحت السطح عوامل الاضطراب والتمرد.ويعقد الملف مقارنة بين نظام مبارك وكل من النظام السوفييتي والصيني الشيوعي، وكيف ان كليهما كانت لديه عناصر وانجازات مكنتهما من البقاء عقودا طويلة. لكن المقارنة الحقيقية ينبغي ان تكون بين نظام مبارك وسلفيه، أي النظام الناصري والنظام الساداتي. الاول جاء بشرعية الثورة وحكم بها 18عاما حفلت بانجازات للغالبية وحراك اجتماعي كبير، وصعود سياسي لمصر ودورها عربيا واقليميا ودوليا، وتحالف مع قوى دولية. والثاني اعتمد على شرعية حرب اكتوبر، انجازه الاكبر، ثم سياسة الانفتاح والسلام مع اسرائيل الذي بيع للمصريين على انه المفتاح السحري للرخاء والازدهار اللذين لم يأتيا تماما مثل غودو الذي لم يصل بعد. فماذا حقق نظام مبارك للغالبية العظمى؟ وما هي شرعيته اذا كان قد تخلى تماما عن اعمدة الحقبة الناصرية، وليس له فضل في الانجاز الساداتي، بل ان النظام لا يزال يتسول الشرعية من ثورة 25 ومن انجاز السادات عسكريا وسياسيا، و ما من انجاز له من صنعه حتى الان.

امام هذا الافلاس وافتقاد الشرعية لم يعد امام النظام سوى اساليب بث الخوف والترهيب والقمع، لضمان احكام السيطرة وتواصلها على الشعب والتشبث بالحكم.وما مظاهر توحش اجهزة الشرطة ورجالاتها، وقمع قوات الامن المستمر والعلني للمظاهرات والاحتجاجات والاضرابات، وسجن المعارضين سوى امثلة على ادوات التخويف والارهاب هذه.بهذه الاساليب- يقول المؤلف- نجح النظام في زرع الخوف في نفوس غالبية المصريين وترويعهم وتركيعهم، على حد قوله.

كل هذا قد يتغير، وقد يكون الوقت قد حان لتغييره، وهذا هو بيت القصيد من وراء الكتاب، والخلاصة التي ينتهي اليها المؤلف- وإن على نحو غير يقيني- واختارها عنوانا فرعيا لكتابه، وهى ان المصريين قد يكونون على موعد قريب مع ثورة او انتفاضة جديدة. ويستند المؤلف في استنتاجه الى قراءة لتاريخ مصر في المئة عام الاخيرة، حيث يقول ان النظرة الاستشراقية للمصريين ذهبت الى ان المصريين تم ترويضهم بتجربتهم الطويلة في ان يحكموا بواسطة فرعون له سلطان مطلق ويعد ظلا للاله على الارض، فوق النقد او المساءلة، واجب الطاعة والولاء التام.ولهذا تمكنوا من العيش في سلام عبر تجاهلهم الدولة الغريبة عنهم وسلطتها الباطشة.ومن الصعب مقاومة مقارنة الرئيس مبارك بفراعنة مصر القدماء، خاصة وانه يعد ثالث اطول حكام مصر بقاء في السلطة (بعد رمسيس الثاني ومحمد علي باشا). مثل هذا التحليل، يفتقر الى الدقة كما يقول المؤلف لانه يتجاهل واقع المجتمع المصري في القرن الواحد والعشرين، وطبيعته كمجتمع متعدد الثقافات والديانات والاعراق، والحيوية الدافقة التي يتمتع بها المصريون وتجعلهم دائما قادرين على التجدد والابتكار. وفي المئة عام الاخيرة، لم يعد المصريون ذلك الشعب الوديع المسالم 'اللامبالي' المعروف تاريخيا.فقد انتفض المصريون في ثورة 1919 بزعامة سعد زغلول ضد الاحتلال البريطاني، (وقبلها كانت 'ثورة' عرابي ضد الخديوي)، ثم انتفاضة كانون الثاني (يناير) 1952 التي ادت الى حرق نصف القاهرة، وكانت بدورها احد الاسباب التي عجلت بثورة الضباط الاحرار في 23 تموز (يوليو) من نفس العام. وفي 1977 في عهد السادات، انتفض المصريون من الاسكندرية في اقصى شمال البلاد الى اقصى جنوبها في اسوان، والتي عرفت بانتفاضة الخبز (وسماها السادات انتفاضة الحرامية)، هذا فضلا عن سلسلة متوالية من الاغتيالات والمظاهرات والاضرابات، والهجمات الارهابية.تاريخ حافل كهذا لا يمكن ان يشير الى شعب 'لا مبالٍ' او غير معني بأمور السلطة والسلطان. ويلحظ المؤلف ان الفارق الزمني بين هذه الانتفاضات والثورات، من 1919 الى 1952، ومن 1952 الى 1977، حوالي ثلاثين عاما، وهو أمر لا بد وأن يثير قلق النظام، وقد مرت على اخر انتفاضة (1977) ثلاثين عاما واكثر بقليل. ترى هل نضجت الظروف الموضوعية - والتاريخية - لتضع المصريين على حافة ثورة جديدة، حان أوانها؟ هذا هو السؤال.




[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
telenet
Admin
Admin
telenet


عدد المساهمات : 10533
تاريخ التسجيل : 26/06/2009
عرض لكتاب منعه مبارك 'داخل مصر.. ارض الفراعنة على حافة الثورة Flag
الموقع : kelmah.own0.com

عرض لكتاب منعه مبارك 'داخل مصر.. ارض الفراعنة على حافة الثورة Empty
مُساهمةموضوع: رد: عرض لكتاب منعه مبارك 'داخل مصر.. ارض الفراعنة على حافة الثورة   عرض لكتاب منعه مبارك 'داخل مصر.. ارض الفراعنة على حافة الثورة Emptyالإثنين أغسطس 22, 2011 3:36 am

هو لم يتنبأ .. انما قرأ السيناريو

لكن العرب يظلون تسطيحيين وكومبارس لكل الاحداث الواقعه على اراضيهم

بالمناسبة .. كل الاحداث المصيريه كانت تسبقها اشارة بشكل او باخر

حتى احداث 11 سبتمبر تم استعراض السيناريو عبر فلم اجنبي هوليودي

للممثل الأمريكي صامويل جاكسون



شاهد

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]




مصر تنفي منع توزيع كتاب الإنجليزي جون برادلي





[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]




القاهرة:
نفت وزارة الإعلام المصرية ما نشر في بعض الصحف خلال الأيام الماضية عن
منع كتاب "داخل مصر.. بلد الفراعنة على حافة ثورة" للكاتب الإنجليزي جون
برادلي من التوزيع، وأكدت في بيان رسمي عدم صدور أي قرار بمنع دخول الكتاب.

وأوضحت في البيان الذي حمل توقيع جهاز الصحافة والمطبوعات بوزارة الإعلام
المصرية أن أي مطبوع أجنبي يصرح له بالدخول لمصر بعد العرض على لجنة تابعة
للجهاز.

وأوردت صحيفة "الوطن" السعودية عن الوزارة قولها إنه تم عرض الكتاب بمجرد
وصول النسخ إلى القاهرة على اللجنة التي أحالت الكتاب لوزير الإعلام حيث
وافق على السماح بتداول الكتاب داخل المكتبات بمصر.

وكان الصحفي البريطاني جون برادلي أعلن أن كتابه "داخل مصر.. بلد الفراعنة
على حافة ثورة" الذي يتناول الوضع السياسي في مصر منع من التوزيع بها.

وقال برادلي كما نقلت عنه "الوكالة الفرنسية" أن ناشره أبلغه بأن "الجامعة
الأمريكية في القاهرة أوصت على 50 نسخة من الكتاب منذ أيام لكنها ألغت
الطلبية بعد ذلك بساعات بعد أن أبلغتها أجهزة الرقابة المصرية أن الكتاب
ممنوع في مصر".

وينقسم الكتاب إلى ثمانية فصول هي: "الثورة الفاشلة"، "الإخوان المسلمون"،
"المسيحيون والصوفيون في مصر"، "البدو وسيناء"، "التعذيب"، "الفساد"، "ضياع
الكرامة في مصر"، و"مصر بعد مبارك".

ويعتقد برادلي أن مصر أصبحت في انتظار "ثورة مضادة" لثورة الضباط الأحرار
في 23 يوليو 1952 وزاعماً أنها "أكثر دولة عربية يشيع فيها التعذيب
والفساد"، فيما يصف المعارضة المصرية بأنها "متواطئة" مع النظام الحاكم في
"تخبطه بلا هدف".

ويشير برادلي إلى أنّ "الإخوان المسلمين" نجحوا في إعادة تأهيل جماعتهم في
السبعينيات عندما كان الاقتصاد المصري في أضعف حالاته، مما جعل السعودية
منطقة جذب للعديد منهم، الذين هاجروا إليها للعمل في قطاع النفط، حيث
أطلعوا هناك على "الإسلام الأصولي"، ثم عادوا إلى مصر مفعمين بالحماسة
الدينية لتغيير المجتمع الذي أفسدته التعاليم الغربية.

وبحسب برادلي، فإنّ الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم في مصر "ليست له صلات
حقيقية بالناس، وليس له حتى وجود حقيقي خارج المدن الكبرى"، معتبراً أنّ
"النظام المصري لا يمتلك الخصائص التي أبقت السوفيات أو الحزب الاشتراكي
الصيني في الحكم؛ فليس لدى الحزب أي سبب في الوجود سوى التمسك بالحكم"،
وأنه "مع غياب أي نوع من الشرعية، فإن ما يبقيه في الحكم هو التخويف،
والترهيب، حيث يتم بث الجبن في المجتمع من أعلاه لأسفله".

ويعتبر الكاتب أنّ المجتمع المصري آخذ في "التحلل والذوبان ببطء تحت عاملين
توأمين هما: ديكتاتورية قاسية وسياسة أميركية فاشلة في الشرق الأوسط".







جون برادلي لـ «المصرى اليوم»: مصر تتجه إلي الهاوية

محمد فودة

الصراع المصري السعودي علي
الزعامة وطبيعة علاقة الولايات المتحدة بكل من القاهرة والرياض ومشروع نشر
الديمقراطية وفرض الإصلاح في المنطقة ومستقبل مصر في ظل المعطيات الحالية
والرئيس القادم لها، وقضايا أخري مهمة وحساسة نوقشت في حوار تفصيلي تناول
دقائق الأمور والأشياء أجرته «المصري اليوم» مع الخبير البريطاني في سياسات
الشرق الأوسط وخصوصاً مصر والسعودية جون آر برادلي صاحب الكتاب الأعلي
شهرة ومبيعاً في هذه القضية «انكشاف السعودية.. داخل مملكة في أزمة» والذي
يعتبره الخبراء أهم ما كتب بالإنجليزية عن السعودية ويستعد لطرح كتابه
الجديد «داخل مصر» والذي سيتم نشره بنيويورك مارس ٢٠٠٨.
وخلال وجوده في الشرق الأوسط
راسل برادلي صحف ومجلات عالمية بارزة منها الإيكونوميست والإندبندنت
والتليجراف وذانيو ريبابليك، فضلاً عن محطتي «بي بي سي» و«سي إن إن»، وعمل
محرراً رئيسياً في «الأهرام ويكلي» خلال فترة وجوده في مصر عام ١٩٩٩ وإلي
الحوار:
.
. هل اختلف أداء الأسرة الحاكمة في السعودية تحت قيادة الملك عبدالله بن عبدالعزيز عن أدائها بزعامة الملك فهد؟
- توجد اختلافات بسيطة للغاية
علي المستوي المحلي أو الداخلي فالاستبداد قائم ومستمر، وعندما كان عبدالله
ولياً للعهد قبل عشر سنوات قال كثيرون إنه سيكون إصلاحياً عندما يتولي
الحكم، وللإنصاف يجب القول إن مؤيديه وأنصاره هم الذين روجوا لذلك لكنه لم
يتحدث شخصياً عن نفسه.
وفي التسعينيات دار حديث واسع
حول حاجة المملكة للإصلاح لأنها كانت تواجه مشاكل اقتصادية خطيرة بسبب
زيادة السكان ولا يعرف الكثيرون أن نسبة الفقر والبطالة كبيرة جداً بين
السعوديين وأن المدن الكبري في البلاد تحيطها أحياء فقيرة يسكنها سعوديون.
وبالطبع يوجد عدد كبير من
الأغنياء لا يزالون يكرهون العائلة المالكة بسبب فسادها وعنجهيتها بل وفي
مناطق مثل الحجاز وعسير والشرقية لا يزال الأهالي يعتبرون آل سعود قوة
احتلال استعمرتهم بالقوة وفرضت عليهم الوهابية.
ويبقي مع ذلك الملك عبدالله هو
الأقل فساداً وتطرفاً بين سابقيه ولا يمكن تجاهل أن الأحوال داخل المملكة
تغيرت بعد تتويجه خلفاً للملك فهد وربما يعطيه هذا عذراً في تأخير الخطوات
الإصلاحية، إذا كان يعتزم بصدق تنفيذها.
ومن التغييرات التي حدثت علي
سبيل المثال ارتفاع سعر برميل النفط عقب الحرب الأمريكية علي العراق وهذا
يعني وجود فائض كبير في الميزانية يتمثل في مئات البلايين من الدولارات،
وهذا يسمح للملك باستخدام الأموال في حل المشاكل مثل زيادة المرتبات وتطوير
البنية التحتية ودعم المشروعات الاقتصادية، وهذه هي الطريقة التي دأبت
الأسرة الحاكمة علي استخدامها في التعامل مع الأزمات الداخلية، وهذه
استراتيجية سطحية ولا تحل المشاكل فعلياً ويمكنها أن تساعد فقط علي كسب
الوقت وتأجيل حسم الأمور من جذورها، ومن المتغيرات التي طرأت علي المملكة
في حكم عبدالله تكرار الموجات الإرهابية والتي ينفذها أشخاص غاضبون من دعم
النظام للأمريكيين ويريدون معاقبته علي ذلك.
وفي ظل اشتراكها في الحرب علي
الإرهاب قامت الأسرة الحاكمة بقمع المعارضين بدعوي حماية الأمن القومي
للبلاد وتعرض الليبراليون السعوديون لنفس القمع الذي تعرض له الإرهابيون،
وفي هذا الاتجاه يمكن القول إن الحرب الأمريكية ضد الإرهاب أفادت الأسرة
الحاكمة وساعدتها علي الإطاحة بالمعارضة وقد انتهجت كل الأنظمة العربية نفس
الاستراتيجية بل إن أمريكا نفسها فعلت ذلك، لكن تأثيرها السلبي ظهر بوضوح
في المنطقة العربية لعدم وجود ديمقراطية من الأساس فيها.

.. ما الفرق بين علاقة الولايات
المتحدة بالسعودية وعلاقتها بمصر، خصوصاً في ظل اعتقاد كثير من المحللين أن
الرياض تؤثر بينما القاهرة تتأثر؟
- يمكن قياس الفرق علي النحو
التالي، لو أني ألعب «كوتشينة» مع شخص ما وكشف لي ورقه منذ البداية فأثق في
الفوز عليه ولن أقلق إطلاقاً طوال اللعب، وهذا هو حال أمريكا مع النظام
المصري، فقد كشف الأخير أوراقه ونفذ كل ما تطلبه منه منذ السبعينيات مقابل
المعونة، وقد فازت واشنطن في الأساس لأن مصر لا تملك «كارتاً رابحاً» وعلي
أي حال النظام المصري مثل كل الأنظمة المستبدة لا يهتم سوي ببقائه في
الحكم، والأمريكيون يدركون ذلك جيداً.
أما السعودية علي الجانب الآخر
فقد حافظت علي بقاء كروتها قريبة جداً من صدرها، فمن ناحية هي مثل مصر،
حليف قوي لأمريكا وبالطبع يحرص نظامها علي البقاء في الحكم لكن من ناحية
أخري يملك السعوديون الكارت الرابح ويستخدمونه حينما تتعقد الأمور
دبلوماسياً علي المستوي الدولي وهو النفط.
وبالرغم من أن روسيا تنتج نفس
الكمية من البترول فإن السعودية هي التي تستطيع زيادة الإنتاج في فترة
قياسية، بالإضافة إلي أنها تملك ثلث احتياطي العالم، وهذا يمنح آل سعود
ميزة إضافية عند التعامل مع واشنطن، فضلاً عن أن الملك عبدالله هو راعي أول
وثاني الحرمين، لذا عندما يتكلم عن العراق أو فلسطين فعلي الأمريكيين أن
ينصتوا.
وحتي الآن بالتأكيد لا تزال
كلمات العاهل السعودي غير قوية أو ذكية ولم تأت بنتائج ولكن النقطة المهمة
أنه لا أحد يعلم بالفعل إلي أين تسير الأمور داخل البيت الحاكم وعلي عكس
النظام المصري، فإن الحكام السعوديين جيدون للغاية في إبقاء الأمر غامضاً
وجعل الجميع يفكرون فيما سيحدث، وبكلمات واضحة أقول إن النظام السعودي
أستاذ في فن الدبلوماسية الدولية.
وفي الوقت ذاته أود التأكيد علي
العلاقات القوية بين الرؤساء الأمريكيين المتعاقبين سواء كانوا ديمقراطيين
أو جمهوريين والأسرة المالكة في السعودية وهذه العلاقات خصوصاً الحالية في
ظل إدارة بوش ساهمت في تقريب وجهات النظر.
وعلي النقيض من ذلك أعتقد أن
العلاقات بين بوش ومبارك ليست قوية أو وثيقة، ونحن نستطيع تبين ذلك بعد
هجوم ١١ سبتمبر فعلي الرغم من أن ١٥ من منفذي الهجوم الـ١٩ سعوديون، وقيام
السعودي أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة بتنظيمه وتبني القاعدة نفسها
للفكر الوهابي المتطرف الذي يعتنقه فقط أقلية من المسلمين لكن يرعاه آل
سعود المتحكمون في وسائل الإعلام بالشرق الأوسط فإنه تم احتواء موجة الغضب
ضد الأسرة الحاكمة في المملكة ولم توجه إدارة بوش انتقاداً إليها بل قامت
بغزو العراق، الدولة التي لا تربطها أي علاق ة بالقاعدة وأدانت -مثل إيران
تماماً- تفجيرات سبتمبر.
أما النظام المصري فلا يملك
هامشاً للمناورة أو المزايا في علاقته بالولايات المتحدة، وحينما يتحدث عن
العراق أو الفلسطينيين لا يهتم الغرب، حتي المعنيون بالأمر فيه لا يسجلون
أي ملاحظة والسبب ببساطة أن الجميع يعرف هناك -وليس المصريين فقط- أن
النظام سيقف بجانب أمريكا مهما حدث مادام أن هذا يضمن بقاءه في القوة.

.. أثير جدل واسع في الفترة
الأخيرة حول وجود تنافس سياسي بين القاهرة والرياض، فهل تعتقد أن هناك
بالفعل نوعاً من الصراع علي زعامة المنطقة؟
- التنافس بين مصر والسعودية
موجود علي مستويات مختلفة وله جذور عميقة، ليس علي المستوي السياسي فقط،
ولا أبالغ حين أقول إن نتائج هذا الصراع يمكن أن تحدد مستقبل العالم
الإسلامي بالكامل وليس العالم العربي فقط، وأقول ذلك لأن مصر تاريخياً
تتبني الليبرالية في السياسة، والعولمة في الثقافة، والاعتدال في الدين،
والاختلاف في الرأي، وفي المقابل تتبني السعودية السياسة المحافظة والثقافة
المنغلقة وعدم الاعتدال في الدين وأحادية الرأي.
والصراع بين الطرفين يمكن أن
يعود إلي عهد الحاكم المصري العظيم محمد علي في بدايات القرن الـ١٩ والذي
تلقي أوامر من السلطان العثماني بطرد عائلة آل سعود المتطرفة وحلفائها
الوهابيين من مكة والتي كانوا يحتلونها، ونفذ محمد علي المهمة بنجاح ساحق
وأدي خدمة جليلة للإسلام لأنه حرر مكة من فئة متطرفة للغاية.
ولسوء الحظ، استعاد آل سعود
وقتهم بعد سقوط الامبراطورية العثمانية وسيطروا علي مكة والمدينة وباقي
المناطق في المملكة التي تأسست رسمياً عام ١٩٣٢ وقاموا بفرض الوهابية
كعقيدة أساسية للدولة وعاني المصريون الذين كانوا يعيشون هناك بشدة بعد
ذلك.
وأصبحت الأمور أكثر كارثية بعد
ذلك بعد اكتشاف بحيرة من النفط تحت أراضي السعودية وأدي هذا إلي استخدام
الأموال الوفيرة لنشر الوهابية في العالم الإسلامي كالنار في الهشيم، وقد
نجحت بالفعل في اختراق بعض شرائح من المجتمع المصري عن طريق المصريين
العائدين من هناك، وأعتقد أن الصدام الطائفي بين المسيحيين والمسلمين في
السبعينيات يتزامن مع تدفق المصريين إلي السعودية للعمل، لأنه مثل ذلك كان
المصريون مسلمين ومسيحيين يعيشون في سلام لقرون عديدة لكن الوهابية نشرت
فكرة أن المسيحيين كفار، ويجب قتلهم إذا لم يتحولوا إلي الإسلام، ولا أعتقد
أن مثل هذه لها أصل في الثقافة المصرية أو الإسلام المعتدل الذي يعتنقه
المصريون.
وبالطبع يعرف الجميع أن
المنافسة كانت مشتعلة بين مصر والسعودية في عهد الرئيس الراحل جمال
عبدالناصر وتقارب الطرفان في عهد السادات وتردد آنذاك عبارات مثل «الحب
الأخوي العربي» وغيرها من البلاغيات عديمة القيمة.
ولاأعتقد أن هذا التنافس موجود
بقوة بين مبارك وعبدالله لأن كليهما مشغول بأشياء أخري وكليهما ليس مهماً
علي الإطلاق، وأري أن التاريخ لن يذكرهما كقائدين عظيمين لكن تبقي المنافسة
جوهرية وأيديولوجية بين مصر ومؤسسة الأزهر السنية المعتدلة والسعودية
ومنهجها الوهابي المتشدد، وتاريخياً، مصر في هذه الناحية هي الأقوي لكن
صعود السعودية في الفترة الحديثة تزامن مع تراجع مصر، خصوصاً بعد ارتماء
الأزهر في أحضان النظام العسكري وبالرغم من ذلك أقول إن عقوداً قليلة مجرد
نقطة في محيط التاريخ، ومصر علي المدي الطويل ستنتصر مجدداً، وعلينا فقط أن
ننتظر حتي ينتهي النفط من السعودية.

.. هل تعتقد أن الاقتتال الداخلي في فلسطين بين فتح وحماس يعكس فشلاً دبلوماسياً للسعودية التي رعت اتفاق مكة بين الفصيلين؟
- مغفل من يعتقد أن هناك شيئاً
جيداً في المبادرة السعودية.. أليس من المخجل جداً أن يتلقي القادة
الفلسطينيون الأوامر من ديكتاتور مثل الملك عبدالله؟.. إن الصراع
الإسرائيلي الفلسطيني طويل للغاية وله أسباب داخلية وخارجية، ولكن حينما
نتحدث تحديداً عن الدور السعودي في هذه القضية، فيجب أن نبحث عن الدوافع،
الرياض لا تريد هدوءاً وسلاماً في الأراضي الفلسطينية لاهتمامها
بالفلسطينيين.. فمتي كانت تسعي لمساعدتهم؟ وماذا فعل أي نظام عربي
للفلسطينيين سوي المساعدة في قتلهم؟ لا، الحقيقة أن السعوديين يساعدون
الفلسطينيين الآن بعدما تدخل الإيرانيون في القضية وبدأ الرئيس أحمد نجاد
المنافس للقيادة السعودية يستمد منها شعبية واسعة في الشارع العربي.
وبالطبع لم يفعل نجاد بدوره أي
شيء للفلسطينيين لكن لسوء حظ الفلسطينيين كانوا دائماً البيادق «عساكر
الشطرنج» لكل الأنظمة الشرق أوسطية لأنهم كانوا ضحايا الاحتلال الإسرائيلي،
ويجب القول أيضاً إن القادة الفلسطينيين أيضاً أعداء أنفسهم، وكيف تخدم
أطراف خارجية أناساً لا يريدون خدمة أنفسهم؟

.. سؤال تقليدي.. هل تراجع الأمريكيون عن مشروعهم لفرض الديمقراطية والإصلاح في الشرق الأوسط؟
- من المهم أن نعود إلي بداية
هذا الموضوع لنفهمه جيداً، قبل حرب العراق كان هناك حديث مقتضب حول نشر
الديمقراطية في العراق والشرق الأوسط بين المسؤولين الأمريكيين، وبعد سقوط
نظام صدام تغيرت نبرة الحديث وموضوعه.
والحقيقة أن فكرة دمقرطة الشرق
الأوسط لم تكن علي الإطلاق مخلصة، لقد أراد الأمريكيون فقط تغطية أكاذيبهم
حول الهدف من الحرب، ولكن فوجئوا أن الأمور فلتت من أيديهم في مناطق معينة،
فعلي سبيل المثال فازت حماس في الانتخابات الفلسطينية واستفاد الإخوان
المسلمون بقوة من الانفتاح الإجباري في مصر، وعندما رأت واشنطن تراجعت
بسرعة لأن الديمقراطية في قاموسها هو أن تختار الشعوب الحكام الذين توافق
عليهم، لذا فشل المشروع.

.. قضيت فترة طويلة في السعودية
ومصر ودول أخري بالمنطقة، هل تعتقد أن الشعوب العربية لا تفهم أو تستحق
الديمقراطية كما يقول بعض قادتهم؟
- من المثير للسخرية أن
الحكومات العربية تقول: إن شعوبها غير مستعدة للديمقراطية لأنها هي
المسؤولة عن ذلك، ودعنا نعد إلي النموذجين المصري والسعودي، فقد كانت هناك
انتخابات ديمقراطية منتظمة في منطقة الحجاز قبل أن يتولي آل سعود الحكم
وحينما سيطروا علي البلاد ألغوا الانتخابات، ولذا يبدو أن النظام هو غير
المستعد للديمقراطية وليس الناس.
وفي مصر أيضاً كانت الانتخابات
منظمة وديمقراطية قبل ثورة يوليو وبعدها بفترة قليلة ألغي النظام العسكري
أحزاب المعارضة ودمروا الصحافة الحرة بتأميمها أو جعلها حكومية وتعيين
رؤساء تحرير، تحولوا إلي ملوك بعد ذلك.
وبالتأكيد كانت هناك مشاكل في
الديمقراطية التي مورست في مصر والحجاز قبل آل سعود والثورة، لكن آنذاك
كانت الديمقراطية أيضاً وليدة في الغرب، إن ما فعله الملك عبدالعزيز وجمال
عبدالناصر في السعودية ومصر لا يمكن مسامحتهما عليه فقد قتلا كل شيء جميل،
واستبدلاه بما هو سييء، لذا إذا لم يكن العرب معتادين حالياً علي
الديمقراطية فهذا يرجع إلي الديكتاتوريات التي سلبتها منهم.

.. هل تعتقد أن الإصلاحيين العرب محقون في تحميل أمريكا مسؤولية استبداد الأنظمة العربية وإصرارها علي حكمهم؟
- كما شرحت سابقاً أمريكا لم
تكن أبداً جادة في فكرة الديمقراطية فهي تحب مستبديها العرب، ومن لا يحب
شخصاً يقفر كلما طلبت منه. ولكن ألوم علي بعض المثقفين العرب خصوصاً الذين
يتحدثون الإنجليزية وتلقوا التعليم في الغرب مساندتهم لإسقاط نظام صدام
حسين بهدف نشر الديمقراطية وقد ذكرت سابقاً أنهم يلعبون بالنار لأن شعوبهم
ستصفهم بالخائنين حينما يتبدد حلم الديمقراطية الأمريكية وهذا ما حدث
بالفعل.

.. إلي أين تسير مصر؟
- مصر تتجه إلي هاوية، لقد قضيت
هنا ١٨ شهراً وسافرت إلي السعودية ثم عدت لأقضي عاماً، وخلال تلك الفترة
لاحظت التدهور السريع في كل القطاعات، فالغني يزداد ثراء، والفقير يزداد
فقراً، والهوة بين الشعب والنظام تزداد اتساعاً، ويبدو المواطنون العاديون
أكثر اهتماماً بالمستقبل، فالأسعار الآن زادت ثلاثة أضعاف ما كانت عليه عام
١٩٩٩، لكن أجور أصدقائي المصريين لا تزال ثابتة.
هناك شيء ما لا تستطيع تحديده،
مزيج من الإحباط والغضب واليأس منتشر في كل مكان، مصر الآن قريبة من حدوث
تغير دراماتيكي، والمصريون الآن يعيشون فترة مثل تلك التي سبقت ثورة ١٩٥٢،
ومثل تلك التي سبقت اغتيال السادات، ونتمني أن يستيقظ النظام ويدرك أنه حول
شعبه إلي عدو قبل فوات الأوان، وأعتقد أن آخر شيء تحتاجه مصر وتريده
الغالبية العظمي من المصريين هو ثورة عنيفة، فالمصريون يفضلون السلام
والاستقرار والثورات العنيفة تعيد البلاد سنوات طويلة إلي الوراء.

.. كيف يري الغرب جمال مبارك وما رأيك في مسألة التوريث؟
- لا أعتقد أن علي الغربيين
إخبار المصريين كيف يجب أو لا يجب أن يحكموا بلادهم، إذا كان المصريون لا
يريدون جمال مبارك فعليهم تنظيم أنفسهم والتصويت ضده إذا رشح نفسه، ولو لم
يفعلوا ذلك فهذا يعني أنهم لا يهتمون بمستقبلهم.
وبرأيي الشخصي أنه لا يهم من
سيحكم مصر لأنه سيكون مستبداً مثل سابقه وسيستمر أغنياء الحرب في سرقة
البلاد حتي تنفد خيراتها، أعتقد أن النظام نفسه يجب تغييره وليس الأفراد
لأن من تفرزه الانتخابات حتي لو كانت نظيفة وشفافة سيظل علي رأس نظام فاسد،
النظام أكبر كثيراً من الشخص وسيلقيه ويسحقه بلا رحمة حتي لو كان إصلاحياً
مادام هذا النظام فاسداً.

.. الإخوان المسلمون، هل يصلحون بالفعل كبديل سياسي إسلامي معتدل للنظام الحالي؟
- لقد كان الإخوان «نكهة» هذا
الشهر في الصحافة الغربية، ويعتقد كثير من المراقبين أنهم فعلاً بديل
مناسب، وأعتقد أنه لا أحد عليه الخوف من قيامهم بتعديل الدستور إذا وصلوا
للحكم ليستمروا مسيطرين عليه، لأن مبارك فعل ذلك، وأري أنهم سيحاولون تكييف
أمورهم من الخارج حتي يستطيعوا تسيير شؤونهم.
وتبقي مشكلة الإخوان أنهم
بالرغم من تنظيمهم وجذورهم القوية فإنهم لا يملكون خبرة في الحكم علي
المستوي القومي للدولة، وتكون ردود أفعالهم دائماً عاطفية تجاه الأحداث
الدولية وليست عقلانية.
وعلي كل، أعتقد أن هناك مبالغة
في الأطروحات الغربية حول دعم الإخوان في مصر، لأن الأغلبية الساحقة من
المصريين لم تصوت لصالح الحزب الوطني أو جماعة الإخوان في الانتخابات
الأخيرة، ولكن البقاء في المنازل. إن الإخوان أكثر تطرفاً اجتماعياً
ودينياً من أن يقبلهم معظم المصريين الذين يحترمون الحرية والاعتدال
والديانات الأخري، يحب الكثير من المصريين «النكتة» والسخرية، لذا لن
يرحبوا بحزب متشدد، ومعظم المصريين الذين ساندوا الإخوان في الانتخابات
أخبروني أنهم لم يفعلوا ذلك لحبهم في الإسلاميين ولكن لاعتقادهم أن الإخوان
مناهضون لمبارك وللفساد.

وأخيراً.. ماذا يتناول كتابك الجديد «داخل مصر»؟
- أركز فيه علي الثقافة
السياسية والاجتماعية في مصر منذ ثورة ١٩٥٢ وحتي الوقت الحالي، وأحاول جمع
آراء لمصريين من مختلف الطبقات، وحرصت علي الاستماع إلي أصوات مؤيدة وأخري
مناوئة من الليبراليين والإسلاميين بهدف تغيير الصورة النمطية السلبية لدي
الغرب عن مصر، وبالمناسبة هناك الملايين يعيشون في الغرب يعتقدون أنهم سوف
يتعرضون للقتل علي أيدي الإرهابيين بمجرد نزولهم من الطائرة، وأتمني بعد
قراءة كتابي أن يدركوا الصورة الصحيحة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://kelmah.own0.com
 
عرض لكتاب منعه مبارك 'داخل مصر.. ارض الفراعنة على حافة الثورة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حفظي لكتاب الله كاملا بفضل الله ثم دورة تغيير العقل لموقع حفاظ الوحيين
» فيرديناند قد يغيب عن مواجهة الفراعنة
» ســرور مفــجـــر الثورة !!
» معاريف: أنجولا تتأهب لحرب الفراعنة والجزائر
» ليكيب الفرنسية: ثأر الفراعنة تحول إلى فوز مهين ومذل على الجزائر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: منتدى الاخبار والصحافة :: مقالات الاعضاء-
انتقل الى: