زين العابدين عبد المنعم عضو ذهبى
عدد المساهمات : 2091 تاريخ التسجيل : 05/08/2010 الموقع : سواح
| موضوع: في المشمش! السبت أغسطس 20, 2011 5:30 pm | |
| في المشمش! أيمن عبد الرسول السبت, 20 أغسطس 2011
نقولها سخرية من إمكانية حدوث شيء ما، نقولها أحيانًا ببرود الواثقين من عدم توافق الوعد مع الإمكانيات، ولأن المشمش المصري صاحب موسم قصير جدًّا لا يتجاوز أسبوعين للقطاف في أيام الربيع، فإنه عزيز ونادر.. أما صديقكم فيريد أن يقولها لكثيرين، غلبتهم أحلامهم أو مطامعهم، أو حتى مخاوفهم من أو في أشياء كثيرة، أولهم دعاة السلفية الأغبياء، الذين يحلمون بدولة مصر إسلامية على النموذج الأفغاني، ويطالبون بتغطية وجوه التماثيل، وتحريم السياحة وحرمان المصريين من آثارهم، وأقول لهم: في المشمش!
هل يمكن أن يطالب عاقل بالغ راشد بهدم الكعبة المشرَّفة؟ هل هناك عاقل يمكن أن يقيس الأصنام التي كانت حولها، وهدمها رسول الله والذين معه بعد البعثة وكانت تُعبد من دون الله، أو مع الله، هل يمكن أن يطالب عاقل بإزالة الحجر الأسود من حول الكعبة، لأنه من عصر الجاهلية وما قبلها، قياسكم فاسد، فلم نرَ أحدًا يعبد أبو الهول من دون الله، ولم ترَ أحدًا يسجد لتمثال طلعت حرب في الميدان، ولم نعرف إنسانًا قال في غير عهد النبوة المحمدية عن آثار مصر الفرعونية، "تلك الغرانيق العلا" ولم نسمع أن مواطنًا عاقلاً من أي ملة قال لمواطنه: اعلوا رمسيس!
في المشمش يا سفهاء، وبئس ما تفتون، وإذا لم تتخلوا عن أوهامكم، في هدم الحضارة المصرية القديمة، فلا شك أنكم إلى العباسية ذاهبون، وسيشيعكم الشعب المصري الذي اخترع جده إخناتون، التوحيد قبل إعلانه في شبه الجزيرة العربية بآلاف السنين، سيشيعكم بدعاء يدحض أحلامكم، ويرفع يديه إلى السماء قائلاً: اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا!
في المشمش، أقولها لتل أبيب وحماس معًا، فلن يتم نقل حربكم الإسلامية مع الذين باع جدودكم الأرض لهم في 1948، إلى سيناء، فسيناء مطمع الصهاينة، وحلم الاستيطان الحمساوي، لتوسعة غزة، بعيدة عن أحلامكم، يا أجسام البغال، وأحلام الخفافيش!
في المشمش يا من لا تستطيعون إقرار سلام مع فصائلكم، وتتبادلون الأسرى فيما بينكم، (حماس وفتح) في المشمش أن تقيموا أنقاض دولتكم المشمشية على أرض سيناء.. أما اليهود فأقول لهم حلم العودة، أو الدولة الكبرى من النيل إلى الفرات، أيضًا في المشمش الفسدقي، إشارة إلى الاستحالة!
في المشمش أقولها كأنها لفظة اعتراض قبيحة، لكل من يروِّج نظرية تقسيم مصر إلى دويلات، وخصوصًا غالبية "أعباط" المهجر، كانوا قديمًا "أقباطًا"، ولكن أغلبهم تحول من الإعلام الطائفي الذي يدور في فلكه، ويسير أسير كوابيسه المتخيلة، والتي رغم أنها كوابيس، فإن بعضهم يراها تحقيقًا لحلم مستحيل، ويهللون في كل مكان حول العالم، الإسلاميون قادمون، ويطلبون من المؤسسات الدولية حماية "أقباط" مصر الشرفاء، من اضطهاد الدولة الإسلامية، رغم أن التاريخ يقول لنا، إن معاناة الأقباط من الحكم الروماني، كانت أشد وطأة، على الأقل لم يصنع العرب الغزاة لهم مذابح الرومان، ومع ذلك يتسامحون مع الدولة الرومانية بعد اعتناق ملكها دين المسيح، ولا يذكرون سوى اضطهاد محدود، وفردي وغير منظم، وإلا كيف بقي الأقباط أقباطًا رغم حكم الإسلام لمصر ما يزيد عن 900 سنة؟!
لو أن خيالكم حقيقة، لنظم المسلمون حملات إبادة طائفية أو تهجير قسري ضد القبط، ولكن التاريخ الذي يقرؤون منه ما تيسر لمرضهم النفسي المتراكم عبر عقود، وهو ما نسميه عقدة اضطهاد الأقليات، لم يذكر لنا أن حكام مصر من العرب فعلوا مثلما فعل الرومان في القبط، ولا حتى عُشره، بل العكس هو الذي حدث عندما كتبت كتب التاريخ عن مساعدة الأرثوذكس الشرقيين للعرب الغزاة في الكشف عن مواطنيهم من الروم الأرثوذكس!
في المشمش ما تروِّجون له، فلن تنقسم مصر إلى دولة إسلامية في الشمال، وقبطية في الجنوب، ونوبية أقصى الجنوب، فمنذ أن وحد مينا القطرين الشمالي والجنوبي، وهذه المحاولات تبوء بالـ"مشمشة"!
في المشمش أن تتحول مصر إلى دولة دينية.. ليس لأن شعبها مع الدولة المدنية، لأ على الإطلاق، فشعبها عمره ما وثق في شعبها، آه والله، ليست نكتة، وكلما واتته الفرصة أن يحكم نفسه بنفسه، قبَّل أحذية الغرباء أن يحكموه، فهو شعب يعرف قدرة عجزه عن حكم نفسه بنفسه، فمن يتصور أن الشعب الذي ثار على الوالي العثماني خورشيد باشا (1805) يهرع أعيانه بعد الخلاص من الفاسد، إلى محمد علي باشا ويقبلون يديه وهو الألباني المقاتل المرتزق، أن يحكم مصر.. هل رأيتم شعبًا يستحق الحجر على أعيانه، بل وعلى مواطنيه، مثلما فعلها المصريون؟!
أما من يحلم بنجدة الأميركان، من يد الإسلاميين، فأقول له ستين في المشمش، لأن الأميركان يتحاورون مع الجميع، ويحرضون الجميع ضد الجميع، ولا يعملون إلا لمصالح شعبهم، المكون من 600 جنسية أصلية، ولا تجمعه سوى مصلحة بلاده، وحبهم لوطن من الغرباء، أضحى قبلة العالم، ولن يهتموا بغير شئونهم، وإذا لم نكن حتى الآن بلغنا سن الرشد، فالأولى بنا البحث عن حضانة للشعوب الرضيعة!
وأخيرًا: هل ستصل رسالتي إلى مستحقيها، وهل سيعيها المرسل إليه؟ | |
|