زين العابدين عبد المنعم عضو ذهبى
عدد المساهمات : 2091 تاريخ التسجيل : 05/08/2010 الموقع : سواح
| موضوع: حوار أدبي بين الكاتب د/ يوسف ادريس والمفكر السويسرى / دورنمات ...الحلقة الثانية الجمعة سبتمبر 02, 2011 4:18 pm | |
| حوار أدبي بين الكاتب د/ يوسف ادريس والمفكر السويسرى / دورنمات الحلقة الثانية المصدر كتاب عزف منفرد / ليوسف ادريس
د/ يوسف :إننى أعتبر أن الإنسان إنسان بقدر تمرده على نظام وجوده بقدر قوة تمرده تكون قوته كإنسان , صحيح إنه تمرد ميئوس منه , إلا أن الاستسلام الكامل للنظام , لأى نظام موجود , هو الاستكانة , والسكون هو الموت . دورنمات : رغم أن أرسطو يقول إن الإنسان كائن سياسى , الا أننى أعتقد إن الانسان كائن (ذكرى – انثوى ) وأنا أرى أنك لم تتحدث عن الرجل والمرأة باعتبارهما النظام الاساسى للمجتمع البشرى . د/ يوسف : لو كان الرجل والمرأة وحدهما على سطح الكرة الأرضية لأصبح هذا هو النظام الإنسانى , ولكنهما لم يوجدا هكذا بمفردهما إلا فى قصة آدم وحواء , هما موجودان باستمرار داخل مجتمعات مثلهما مثل أدق الكائنات . دورنمات : ولكن هذا كما قلت لك مجرد تصورنا نحن لوجود المادة فى هذه المرحلة من إدراكنا العلمى , ولهذا فأنا أفضل النظرة الفلسفية لأنها تقوم على افتراض منطق للوجود , وهى فى نفس الوقت ليست حقيقة علمية , إنها خيال علمى واسع مثلها مثل الروايات والمسرحيات , مجرد افتراضات وليست حقيقة علمية ممكنا إثباتها بالميكروسكوب أو التليسكوب . د/ يوسف :أمعنى هذا أنك لاتعتقد أن هناك حقيقة موضوعية , حقيقية موجودة خارجنا ..؟ دورنمات :هناك حقيقة –هذا لاشك فيه – ولكننا لاندرك إلا جزء من تلك الحقيقة أىً تلك الأجزاء ندركها , هذا هو السؤال . بل انه مهما كان تفكيرنا حتى ولو كان تفكيرا عبثيا فنحن بالضرورة نمسك بجزء ولو ضئيلا من الحقيقة بالضبط كما لو كنا نمسك ببطارية كشافة نجول بها فى أنحاء غرفة مظلمة فلا نرى فى المرة الواحدة إلا أجزاء من محتويات الغرفة . د/ يوسف : أو كما يقولون عن النملة حين لايمكنها أبدا أن ترى الفيل كله .. إنها ترى نتوءات وأشياء بارزة وهضبات , انما لايمكن أن تدرك –أو حتى تتخيل اذا كان بإستطاعتها أن تتخيل – أن هذه كلها تشكل كائنا هائل الحجم حيا اسمه الفيل . ولهذا دعنى أسألك : ألا تعتقد أن الانسان كتلك النملة كما قلنا تكتسب كل يوم بتكنولوجيا واكتشافاتها وادراكاتها المتقدمة قدرات أكثر بكثير من حجمها الصغير , بحيث أنه من الممكن لهذه النملة أن تكبر تماما ويكبر خيالها وتكبر عيونها حتى تصل الى درجة تستطيع أن ترى الفيل فيلا فعلا . دورنمات : ممكن أن تكبر النملة فعلا وتكبر حواسها كما قلت , ولكن الفيل أيضا لن يظل كما هو , إنه هو الآخر لن يظل نفس الفيل , سيظل يكبر ويكبر . د/ يوسف : كما قلت لك ياأستاذ دورنمات , لقد قرأت بعض آراء النقاد عن مسرحك , ولكنى أنا شخصيا أعتقد أن أحد منهم لم يكتشف خاصيتك الأصيلة وهى قدرتك عن طريقتك فى اختراع الفانتازيا والأسطورة العصرية لاختراق عالمنا الحالى بطريقة تعريه تماما , فهل أنت معى فى هذا وهل نستطيع أن نسمى مسرحك الفانتزيا " الخيالية " الحديثة . دورنمات : إن الفنتازيا جزء لايتجزء من التركيب "العقلانى " للإنسان , إن الخيال فى معظمه منطقى أيضا , إن الرياضة هى المعادل المتخيل الموجود للمنطق , ومع هذا فالرياضة أيضا فنتازيا لأنها تخيل للأشياء على هيئة أرقام أو رموز , انك فى الكتابة تحتاج إلى اكتشاف الرؤية المتخيلة الأولية سواء أكانت رؤية عظمى أو غير عظمى , ولكنها رؤية جديدة مختلفة . بعد هذا الكشف الأول تصبح عملية الكتابة للمسرح وكأنها لعبة شطرنج محسوبة خطواتها , ففى مسرحية مثل أوديب نجد الرؤية العظمى تهبط علينا على هيئة نبوءة من آلهة الأوليمب تقول له أنه سيقتل أباه ويتزوج أمه مثلا , ويريد أوديب أن يتجنب هذه النبوءة أو الرؤية فيتجنبها بواسطة خطوات منطقية محسوبة مسرحيا أو تراجيديا كما تحب أن تسميها , ثم نجد أننا قد وصلنا مع أوديب الى نقطة لاتخضع للحساب , لماذا يذهب الى تلك المدينة " طيبة " التى فيها أمه وأبوه على وجه التحديد , هذه المسألة تحدث صدفة إذ هنا لابد أن يعمل قانون الصدفة . د/ يوسف : ولماذا لانسميه قانون القدر أو الحتم . دورنمات : لأنه من الممكن ببساطة أن يذهب الى مدينة أخرى , حتى لو أجريت عليه قوانين الحتمية كما نسميها , كان من الممكن أن يختار أقرب مدينة أو أجمل مدينة أو أشهر مدينة , أما أن يختار " طيبة " بالذات فهذا أمر لايمكن أن تحكمه الا الصدفة والصدفة وحدها . د/ يوسف : إنه أمر فى رأيى لم يحكمه قانون الصدفة , ولكن حكمته ارادة المؤلف المسرحى الإغريقى الذى كتب أوديب الأولى . دورنمات : إن هذا الكاتب أيضا لم يكن يحكم نفسه وهو "يؤلف " هذه الصدفة . د/ يوسف :إذن أنت معى أن هناك قوة أو دافعا أكبر من الصدفة هو الذى جعله يختار هذا الأختيار . دورنمارت : ولكنه اختيار يفرضه العمل الفنى المسرحى . د/ يوسف : ولكن الفن المسرحى ليس فى حد ذاته قوة تستطيع أن تفرض قوانينها أو مسارها . دورنمات :فى الحقيقة أننا نحن الكتاب لانعرف القوانين التى تحكم خلقنا للشخصيات والأحداث . د/ يوسف : والمصادفات دورنمات : والمصادفات د/ يوسف : ماذا عنك أنت , ألم تحاول أن تتعرف على طريقتك التى بواسطتها تختار الأشخاص والأحداث والمصادفات . دورنمارت : سأقول لك شيئا عن مسرحيتى " علماء الطبيعة " وهى مسرحية فى مفهومها العام تقول إن بعض علماء الطبيعة الألمان ادعوا الجنون ولجأوا إلى مصحة أمراض عقلية خوفا من أن تنتزع منهم المعلومات عن القنبلة الذرية ويستعملها هتلر فى إبادة الجنس غير الآرى كله – إن العلماء الأمريكان وصلوا مثلا إلى اكتشاف القنبلة الذرية لأنهم كانوا تعتقدون أن العلماء الألمان سبقوهم الى اكتشافها , هكذا كان اينشتين الذى كان قد هاجر الى امريكا وأبو القنبلة الذرية أوبنهيمر وغيرهما وصحيح كان هناك تجمع كبير من علماء الطبيعة النووية الألمان فى ألمانيا ولكنهم لم يكن فى نيتهم أن ينتجوا قنبلة ذرية أبدا ..وأن هتلر لم يكن يحفل كثيرا بجهود العلماء فى الحرب وكان يسميهم اليهود البيض لأنهم كانوا فى معظمهم من تلاميذ وأتباع اينشتين اليهودى .. فىمسرحيتى "علماء الطبيعة " يلجأ أحد أبطالها لمصحة الأمراض العقلية لأنه يعرف خطورة المعلومات التى اكتشفها ووصل اليها , وماذا يمكن أن يصنع بها هتلر وعصابته .؟ لقد تجنب ماأراد تجنبه بإدعاء الجنون ودخول المصحة , ولكنه فى المصحة يقع بين يدي طبيبة المصحة المتحمسة للنظام بنفس الطريقه التى يقع فيها "أوديب " بالصدفة فى يد أمه " طيبه " وهذا هو مايمكن أن نسميه "بالقدر"الذى لايمكن للإنسان أن يتجنبه . د/ يوسف : يسعدنى هذا الحديث تماما , فقد كنت أرى انتاجك وأنا أقرؤه وأشاهده مجرد نصوص مسرحية رائعة أرى واجهتها الخارجية فقط أما الآن فأنا أرى دورنمات الكاتب , دورنمات الداخلى وهو يعمل وكيف يبدع فكرته , أراه حتى وهو يحرك أبطاله بطريقى ميكانيكية رياضية محسوبة مقدما كلعبة الشطرنج , ولكن لتسمح لى أن أختلف معك فالأبطال ليسوا أشياء تخضع تماما لقوانين الرياضة والحساب ,إنى أعتقد أنك تقلل من قيمة أبطالك بهذا الحديث .إنى أراهم كائنات حية نابضة , أكثر حياة ربما من البشر العاديين , وهذا هو بالضبط المسرح ,إننا لانسمى الشخصية المسرحية "بطلا " عبثا إنه بطل لأنه من المحتم قطعا أن يكون غير عادى حتى ولو كان رجل شارع , أو على الأقل تكون عاديته غير عادية تماما . دورنمات :هذا طبيعى جدا ,إن الأبطال المسرحيين مجرد نظريات على الورق تتحول الى كائنات حية على المسرح , وهذا عمل كاتب المسرح . د/يوسف :أم عمل المخرج ..؟ دورنمات :أرجوك لاتذكرنى بالنجوم والمخرجين , إن تدهور المسرح الألمانى سببه ارتفاع تكاليف الإنتاج المسرحى من ناحية ومن ناحية أهم هؤلاء المخرجون النجوم فكل مخرج منهم يريد أن يكون هو "نجم " العرض المسرحى , وأن يحبس الجمهور رغم عدم ظهوره أنه هو النجم وهذا بالطبع لايحدث إلا على حساب المسرحية والممثلين . إنى أقصد أن أقول إن النص المسرحى يبدوا كانظرية على الورق ولكن الكاتب المسرحى الحقيقى هو الذى يكتب بتصوًر أنه هو الذى سيخرج المسرحية وهكذا ينبض النص بالحياة على المسرح | |
|
منى عضوممتاز
عدد المساهمات : 533 تاريخ التسجيل : 09/07/2009
| موضوع: رد: حوار أدبي بين الكاتب د/ يوسف ادريس والمفكر السويسرى / دورنمات ...الحلقة الثانية السبت سبتمبر 03, 2011 2:31 am | |
| | |
|
زين العابدين عبد المنعم عضو ذهبى
عدد المساهمات : 2091 تاريخ التسجيل : 05/08/2010 الموقع : سواح
| موضوع: رد: حوار أدبي بين الكاتب د/ يوسف ادريس والمفكر السويسرى / دورنمات ...الحلقة الثانية السبت سبتمبر 03, 2011 4:57 am | |
| شكرا مني علي مرورك الجميل ..دمت لنا والسلام | |
|