مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجوا منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا. إن لم يكن لديك حساب بعد, نتشرف بدعوتك لإنشائه
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجوا منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا. إن لم يكن لديك حساب بعد, نتشرف بدعوتك لإنشائه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
كلمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه

 

 ركن التاريخ الاسلامى

اذهب الى الأسفل 
5 مشترك
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5, 6, 7, 8, 9
كاتب الموضوعرسالة
مسافر بلا عنوان
عضوممتاز
عضوممتاز
مسافر بلا عنوان


عدد المساهمات : 577
تاريخ التسجيل : 01/07/2009
ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Flag

ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ركن التاريخ الاسلامى   ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Emptyالخميس سبتمبر 10, 2009 11:18 am

قصتي الخضر وإلياس عليهما السلام

أما الخضر فقد تقدم أن موسى عليه السلام رحل إليه في طلب ما عنده من العلم اللدني‏.‏ وقص الله من خبرهما في كتابه العزيز في سورة الكهف‏.‏ وأوردنا هنا ذكر الحديث المصرح بذكر الخضر عليه السلام وأن الذي رحل إليه هو موسى بن عمران نبي بني إسرائيل عليه السلام الذي أنزلت عليه التوراة‏.‏ وقد اختلف في الخضر في اسمه ونسبه ونبوته وحياته إلى الآن - على أقوال - سأذكرها لك ههنا إن شاء الله وبحوله وقوته‏.‏ قال الحافظ ابن عساكر‏:‏ يقال‏:‏ إنه الخضر بن آدم عليه السلام لصلبه‏.‏ ثم روى من طريق الدارقطني‏:‏ حدثنا محمد بن الفتح القلانسي، حدثنا العباس بن عبد الله الرومي، حدثنا رواد بن الجراح، حدثنا مقاتل بن سليمان، عن الضحاك، عن ابن عباس قال‏:‏ الخضر بن آدم لصلبه، ونسيء له في أجله حتى يكذب الدجال، وهذا منقطع وغريب‏.‏

وقال أبو حاتم سهل بن محمد بن عثمان السجستاني‏:‏ سمعت مشيختنا منهم أبو عبيدة وغيره قالوا‏:‏ إن أطول بني آدم عمراً الخضر، واسمه خضرون بن قابيل بن آدم‏.‏ قال‏:‏ وذكر ابن إسحاق‏:‏ أن آدم عليه السلام لما حضرته الوفاة، أخبر بنيه أن الطوفان سيقع بالناس، وأوصاهم إذا كان ذلك أن يحملوا جسده معهم في السفينة، وأن يدفنوه معهم في مكان عينه لهم‏.‏

فلما كان الطوفان حملوه معهم، فلما هبطوا إلى الأرض أمر نوح بنيه أن يذهبوا ببدنه فيدفنوه حيث أوصى‏.‏ فقالوا‏:‏ إن الأرض ليس بها أنيس وعليها وحشة فحرضهم وحثهم على ذلك‏.‏

وقال‏:‏ إن آدم دعا لمن يلي دفنه بطول العمر، فهابوا المسير إلى ذلك الموضع في ذلك الوقت، فلم يزل جسده عندهم حتى كان الخضر هو الذي تولى دفنه، وأنجز الله ما وعده فهو يحيى إلى ما شاء الله له أن يحيى‏.‏

وذكر ابن قتيبة في المعارف عن وهب بن منبه‏:‏ أن اسم الخضر ‏{‏بليا‏}‏ ويقال‏:‏ إيليا بن ملكان بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح عليه السلام، وقال إسماعيل بن أبي أويس‏:‏ اسم الخضر فيما بلغنا والله أعلم‏:‏ المعمر بن مالك بن عبد الله بن نصر بن لازد‏.‏

وقال غيره‏:‏ هو‏:‏ خضرون بن عمياييل بن اليفز بن العيص بن إسحق بن إبراهيم الخليل‏.‏

ويقال‏:‏ هو أرميا بن خلقيا فالله أعلم‏.‏

وقيل‏:‏ إنه كان ابن فرعون صاحب موسى ملك مصر، وهذا غريب جدا‏.‏

قال ابن الجوزي‏:‏ رواه محمد بن أيوب، عن ابن لهيعة وهما ضعيفان‏.‏

وقيل‏:‏ إنه ابن مالك، وهو أخو إلياس، قاله السدي كما سيأتي‏.‏

وقيل‏:‏ إنه كان على مقدمة ذي القرنين‏.‏

وقيل‏:‏ كان ابن بعض من آمن بإبراهيم الخليل وهاجر معه‏.‏

وقيل‏:‏ كان نبيا في زمن بشتاسب بن لهراسب‏.‏

قال ابن جرير‏:‏ والصحيح أنه كان متقدما في زمن أفريدون بن أثفيان حتى أدركه موسى عليهما السلام‏.‏

وروى الحافظ بن عساكر عن سعيد بن المسيب أنه قال‏:‏ الخضر أمه رومية وأبوه فارسي‏.‏ ‏
وقد ورد ما يدل على أنه كان من بني إسرائيل في زمان فرعون أيضاً‏.‏

قال أبو زرعة في ‏(‏دلائل النبوة‏)‏‏:‏ حدثنا صفوان بن صالح الدمشقي، حدثنا الوليد، حدثنا سعيد بن بشير، عن قتادة، عن مجاهد، عن ابن عباس، عن أبي بن كعب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ليله أسري به وجد رائحة طيبة فقال‏:‏

‏(‏‏(‏يا جبريل ما هذه الرائحة الطيبة‏؟‏‏)‏‏)‏‏.‏

قال‏:‏ هذه ريح قبر الماشطة وابنتها وزوجها‏.‏

وقال‏:‏ وكان بدء ذلك أن الخضر كان من أشراف بني إسرائيل، وكان ممره براهب في صومعته، فتطلع عليه الراهب فعلمه الإسلام‏.‏

فلما بلغ الخضر زوجه أبوه امرأة فعلمها الإسلام، وأخذ عليها أن لا تعلم أحداً وكان لا يقرب النساء، ثم طلقها ثم زوجه أبوه بأخرى فعلمها الإسلام، وأخذ عليها أن لا تعلم أحدا، ثم طلقها، فكتمت إحداهما وأفشت عليه الأخرى، فانطلق هاربا حتى أتى جزيرة في البحر فأقبل رجلان يحتطبان، فرأياه فكتم أحدهما وأفشى عليه الآخر‏.‏

قال‏:‏ قد رأيت العزقيل ومن رآه معك، قال‏:‏ فلان فسئل فكتم، وكان من دينهم أنه من كذب قتل، فقتل وكان قد تزوج الكاتم المرأة الكاتمة‏.‏

قال‏:‏ فبينما هي تمشط بنت فرعون إذ سقط المشط من يدها‏.‏

فقالت‏:‏ نعس فرعون فأخبرت أباها وكان للمرأة ابنان وزوج، فأرسل إليهم فراود المرأة وزوجها أن يرجعا عن دينهما فأبيا، فقال‏:‏ إني قاتلكما فقالا‏:‏ إحسان منك إلينا إن أنت قتلتنا أن تجعلنا في قبر واحد فجعلهما في قبر واحد، فقال‏:‏ وما وجدت ريحا أطيب منهما وقد دخلت الجنة‏.‏

وقد تقدمت قصة مائلة بنت فرعون وهذا المشط في أمر الخضر قد يكون مدرجا من كلام أبي بن كعب، أو عبد الله بن عباس، والله أعلم‏.‏

وقال بعضهم‏:‏ كنيته أبو العباس‏.‏ والأشبه والله أعلم أن الخضر لقب غلب عليه‏.‏

قال البخاري رحمه الله‏:‏ حدثنا محمد بن سعيد الأصبهاني، حدثنا ابن المبارك، عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏

‏(‏‏(‏إنما سمي الخضر لأنه جلس على فروة بيضاء، فإذا هي تهتز من خلفه خضراء‏)‏‏)‏‏.‏

تفرد به البخاري وكذلك رواه عبدالرزاق، عن معمر به‏.‏

ثم قال عبد الرزاق‏:‏ الفروة‏:‏ الحشيش الأبيض وما أشبهه، يعني‏:‏ الهشيم اليابس‏.‏

وقال الخطابي‏:‏ وقال أبو عمر‏:‏ الفروة‏:‏ الأرض البيضاء التي لا نبات فيها‏.‏

وقال غيره‏:‏ هو الهشيم اليابس شبهه بالفروة، ومنه قيل‏:‏ فروة الرأس وهي جلدته بما عليها من الشعر، كما قال الراعي‏:‏

ولقد ترى الحبشي حول بيوتنا * جذلاً إذا ما نال يوما ماكلا

صعلا أصك كأن فروة رأسه * بذرت فأنبت جانباه فلفلا

قال الخطابي‏:‏ إنما سمي الخضر خضرا لحسنه وإشراق وجهه‏.‏

قلت‏:‏ هذا لا ينافي ما ثبت في الصحيح فإن كان ولا بد من التعليل بأحدهما فما ثبت في الصحيح أولى وأقوى بل لا يلتفت إلى ما عداه‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 1/ 382‏)‏

وقد روى الحافظ ابن عساكر هذا الحديث أيضا من طريق إسماعيل بن حفص بن عمر الأيلي، حدثنا عثمان، وأبو جزي، وهمام بن يحيى، عن قتادة، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏

‏(‏‏(‏إنما سمي الخضر خضراً لأنه صلى على فروة بيضاء فاهتزت خضراء‏)‏‏)‏‏.‏

وهذا غريب من هذا الوجه‏.‏

وقال قبيصة، عن الثوري، عن منصور، عن مجاهد، قال‏:‏ إنما سمي الخضر لأنه كان إذا صلى اخضر ما حوله‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مسافر بلا عنوان
عضوممتاز
عضوممتاز
مسافر بلا عنوان


عدد المساهمات : 577
تاريخ التسجيل : 01/07/2009
ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Flag

ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ركن التاريخ الاسلامى   ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Emptyالخميس سبتمبر 10, 2009 11:20 am

وتقدم أن موسى ويوشع عليهما السلام لما رجعا يقصان الأثر وجداه على طنفسة خضراء على كبد البحر، وهو مسجى بثوب، قد جعل طرفاه من تحت رأسه وقدميه، فسلم عليه السلام‏.‏

فكشف عن وجهه فرد وقال‏:‏ أني بأرضك السلام‏؟‏ من أنت‏؟‏

قال‏:‏ أنا موسى‏.‏

قال‏:‏ موسى نبي بني إسرائيل‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏ فكان من أمرهما ما قصه الله في كتابه عنهما‏.‏

وقد دل سياق القصة على نبوته من وجوه‏:‏

أحدهما‏:‏ قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَوَجَدَا عَبْداً مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً‏}‏ ‏[‏الكهف‏:‏ 65‏]‏‏.‏

الثاني‏:‏ قول موسى له‏:‏ ‏{‏هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً * قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً * وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً * قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِراً وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْراً * قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً‏}‏ ‏[‏الكهف‏:‏ 66- 70‏]‏‏.‏

فلو كان وليا وليس بنبي لم يخاطبه موسى بهذه المخاطبة، ولم يرد على موسى هذا الرد، بل موسى إنما سأل صحبته لينال ما عنده من العلم الذي اختصه الله به دونه، فلو كان غير نبي لم يكن معصوما، ولم تكن لموسى، وهو نبي عظيم ورسول كريم واجب العصمة كبير رغبة ولا عظيم طلبة في علم ولي غير واجب العصمة‏.‏

ولما عزم على الذهاب إليه والتفتيش عليه، ولو أنه يمضي حقبا من الزمان قيل‏:‏ ثمانين سنة، ثم لما اجتمع به تواضع له وعظمه واتبعه في صورة مستفيد منه، دل على أنه نبي مثله يوحى إليه كما يوحى إليه، وقد خص من العلوم اللدنية والأسرار النبوية، بما لم يطلع الله عليه موسى الكليم نبي بني إسرائيل الكريم‏.‏

وقد احتج بهذا المسلك بعينه الرماني على نبوة الخضر عليه السلام‏.‏

الثالث‏:‏ أن الخضر أقدم على قتل ذلك الغلام وما ذاك إلا للوحي إليه من الملك العلام‏.‏

وهذا دليل مستقل على نبوته، وبرهان ظاهر على عصمته، لأن الولي لا يجوز له الإقدام على قتل النفوس، بمجرد ما يلقى في خلده لأن خاطره ليس بواجب العصمة إذ يجوز عليه الخطأ بالاتفاق‏.‏

ولما أقدم الخضر على قتل ذلك الغلام الذي لم يبلغ الحلم، علما منه بأنه إذا بلغ يكفر ويحمل أبويه عن الكفر لشدة محبتهما له فيتابعانه عليه ففي قتله مصلحة عظيمة تربو على بقاء مهجته، صيانة لأبويه عن الوقوع في الكفر وعقوبته، دل ذلك على نبوته وأنه مؤيد من الله بعصمته‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 1/ 383‏)‏

وقد رأيت الشيخ أبا الفرج ابن الجوزي طرق هذا المسلك بعينه في الاحتجاج على نبوة الخضر وصححه‏.‏ وحكى الاحتجاج عليه الرماني أيضا‏.‏

الرابع‏:‏ أنه لما فسر الخضر تأويل تلك الأفاعيل لموسى، ووضح له عن حقيقة أمره وجلى، قال بعد ذلك كله‏:‏ ‏{‏رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي‏}‏ ‏[‏الكهف‏:‏ 82‏]‏ يعني‏:‏ ما فعلته من تلقاء نفسي، بل أمر أمرت به وأوحى إلي فيه‏.‏ فدلت هذه الوجوه على نبوته‏.‏ ولا ينافي ذلك حصول ولايته، بل ولا رسالته كما قاله آخرون‏.‏

وأما كونه ملكاً من الملائكة فقول فغريب جداً، وإذا ثبت نبوته كما ذكرناه لم يبق لمن قال بولايته، وإن الولي قد يطلع على حقيقة الأمور دون أرباب الشرع الظاهر، مستند يستندون إليه، ولا معتمد يعتمدون عليه‏.‏

وأما الخلاف في وجوده إلى زماننا هذا، فالجمهور على أنه باق إلى اليوم‏.‏ قيل‏:‏ لأنه دفن آدم بعد خروجهم من الطوفان، فنالته دعوة أبيه آدم بطول الحياة‏.‏ وقيل‏:‏ لأنه شرب من عين الحياة فحيى‏.‏

وذكروا أخباراً استشهدوا بها على بقائه إلى الآن، وسنوردها مع غيرها إن شاء الله تعالى وبه الثقة‏.‏ وهذه وصيته لموسى حين ‏{‏قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً‏}‏ ‏[‏الكهف‏:‏ 78‏]‏ روي في ذلك آثار منقطعة كثيرة‏.‏

قال البيهقي‏:‏ أنبأنا أبو سعيد ابن أبي عمرو، حدثنا أبو عبد الله الصفار، حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدثنا إسحاق بن إسماعيل، حدثنا جرير، حدثني أبو عبد الله الملطي قال‏:‏ لما أراد موسى أن يفارق الخضر‏.‏

قال له موسى‏:‏ أوصني‏.‏

قال‏:‏ كن نفاعاً ولا تكن ضراراً، كن بشاشاً ولا تكن غضبان، ارجع عن اللجاجة ولا تمش في غير حاجة‏.‏

وفي رواية من طريق أخرى زيادة‏:‏ ولا تضحك إلا من عجب‏.‏

وقال وهب بن منبه‏:‏ قال الخضر‏:‏ يا موسى إن الناس معذبون في الدنيا على قدر همومهم بها‏.‏

وقال بشر بن الحارث الحافي‏:‏ قال موسى للخضر‏:‏ أوصني‏.‏ فقال‏:‏ يسر الله عليك طاعته‏.‏

وقد ورد في ذلك حديث مرفوع، رواه ابن عساكر من طريق ذكريا بن يحيى الوقاد، إلا أنه من الكذابين الكبار قال‏:‏ قرىء على عبد الله بن وهب، وأنا أسمع‏:‏ قال الثوري‏:‏ قال مجالد‏:‏ قال أبو الوداك‏:‏ قال أبو سعيد الخدري‏:‏ قال عمر بن الخطاب‏:‏ ‏قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏(‏‏(‏قال أخي موسى يا رب - وذكر كلمته - فأتاه الخضر وهو فتى طيب الريح، حسن بياض الثياب، مشمرها، فقال‏:‏ السلام عليك ورحمة الله يا موسى بن عمران، إن ربك يقرأ عليك السلام‏.‏

قال موسى‏:‏ هو السلام وإليه السلام، والحمد لله رب العالمين، الذي لا أحصي نعمه، ولا أقدر على أداء شكره إلا بمعونته‏.‏

ثم قال موسى‏:‏ أريد أن توصيني بوصية ينفعني الله بها بعدك‏.‏

فقال الخضر‏:‏ يا طالب العلم إن القائل أقل ملامة من المستمع، فلا تمل جلساءك إذا حدثتهم، واعلم أن قلبك وعاء فانظر ماذا تحشو به وعاءك، واعزف عن الدنيا وانبذها وراءك، فإنها ليست لك بدار، ولا لك فيها محل قرار، وإنما جعلت بلغة للعباد والتزود منها ليوم المعاد، ورض نفسك على الصبر تخلص من الإثم‏.‏

يا موسى تفرغ للعلم إن كنت تريده، فإنما العلم لمن تفرغ له، ولا تكن مكثاراً للعلم مهذاراً، فإن كثرة المنطق تشين العلماء، وتبدي مساوي السخفاء، ولكن عليك بالاقتصاد، فإن ذلك من التوفيق والسداد، وأعرض عن الجهال وماطلهم، واحلم عن السفهاء، فإن ذلك فعل الحكماء، وزين العلماء‏.‏

إذا شتمك الجاهل فاسكت عنه حلماً، وجانبه حزماً، فإن ما بقي من جهله عليك وسبه إياك أكثر وأعظم، يا ابن عمران ولا ترى أنك أوتيت من العلم إلا قليلاً، فإن الاندلاث والتعسف من الاقتحام والتكلف‏.‏

يا ابن عمران‏:‏ لا تفتحن باباً لا تدري ما غلقه، ولا تغلقن باباً لا تدري ما فتحه‏.‏

يا ابن عمران‏:‏ من لا ينتهي من الدنيا نهمته، ولا تنقضي منها رغبته، ومن يحقر حاله، ويتهم الله فيما قضى له كيف يكون زاهداً‏.‏ هل يكف عن الشهوات من غلب عليه هواه‏؟‏ أو ينفعه طلب العلم والجهل قد حواه‏؟‏ لأن سعيه إلى آخرته وهو مقبل على دنياه‏.‏

يا موسى تعلم ما تعلمت لتعمل به، ولا تعلمه لتحدث به، فيكون عليك بواره، ولغيرك نوره‏.‏

يا موسى بن عمران‏:‏ اجعل الزهد والتقوى لباسك، والعلم والذكر كلامك، واستكثر من الحسنات، فإنك مصيب السيئات، وزعزع بالخوف قلبك، فإن ذلك يرضى ربك، واعمل خيراً فإنك لا بد عامل سوء، قد وعظت إن حفظت‏.‏ قال‏:‏ فتولى الخضر، وبقي موسى محزوناً مكروباً يبكي‏.‏

لا يصح هذا الحديث، وأظنه من صنعة زكريا بن يحيى الوقاد المصري، كذبه غير واحد من الأئمة، والعجب أن الحافظ ابن عساكر سكت عنه‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مسافر بلا عنوان
عضوممتاز
عضوممتاز
مسافر بلا عنوان


عدد المساهمات : 577
تاريخ التسجيل : 01/07/2009
ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Flag

ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ركن التاريخ الاسلامى   ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Emptyالخميس سبتمبر 10, 2009 11:23 am

وقال الحافظ أبو نعيم الأصبهاني‏:‏ حدثنا سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، ثنا عمرو بن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الحمصي، حدثنا محمد بن الفضل بن عمران الكندي، حدثنا بقية بن الوليد، عن محمد بن زياد، عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه‏:‏

‏(‏‏(‏ألا أحدثكم عن الخضر‏؟‏‏)‏‏)‏‏.‏

قالوا‏:‏ بلى يا رسول الله‏.‏ ‏قال‏:‏ ‏(‏‏(‏بينما هو ذات يوم يمشي في سوق بني إسرائيل أبصره رجل مكاتب‏.‏

فقال‏:‏ تصدق عليّ بارك الله فيك‏.‏

فقال الخضر‏:‏ آمنت بالله ما شاء الله من أمر يكون، ما عندي من شيء أعطيكه‏.‏

فقال المسكين‏:‏ أسألك بوجه الله لما تصدقت علي، فإني نظرت إلى السماء في وجهك ورجوت البركة عندك‏.‏

فقال الخضر‏:‏ آمنت بالله ما عندي من شيء أعطيكه إلا أن تأخذني فتبيعني‏.‏

فقال المسكين‏:‏ وهل يستقيم هذا‏؟‏

قال‏:‏ نعم الحق أقول لك، لقد سألتني بأمر عظيم، أما أني لا أخيبك بوجه ربي بعني‏.‏

قال‏:‏ فقدمه إلى السوق فباعه بأربعمائة درهم، فمكث عند المشتري زماناً لا يستعمله في شيء‏.‏

فقال له‏:‏ إنك ابتعتني التماس خير عندي، فأوصني بعمل‏.‏ قال‏:‏ أكره أن أشق عليك إنك شيخ كبير ضعيف‏.‏

قال‏:‏ ليس يشق علي‏.‏

قال‏:‏ فانقل هذه الحجارة، وكان لا ينقلها دون ستة نفر في يوم، فخرج الرجل لبعض حاجاته ثم انصرف، وقد نقل الحجارة في ساعة‏.‏

فقال‏:‏ أحسنت وأجملت وأطقت ما لم أرك تطيقه، ثم عرض للرجل سفر، فقال‏:‏ إني أحسبك أميناً فاخلفني في أهلي خلافة حسنة‏.‏

قال‏:‏ فأوصني بعمل‏.‏

قال‏:‏ إني أكره أن أشق عليك‏.‏

قال‏:‏ ليس تشق علي‏.‏

قال‏:‏ فاضرب من اللبن لبيتي، حتى أقدم عليك، فمضى الرجل لسفره فرجع، وقد شيد بناؤه فقال‏:‏ أسألك بوجه الله ما سبيلك وما أمرك‏؟‏

فقال‏:‏ سألتني بوجه الله، والسؤال بوجه الله أوقعني في العبودية، سأخبرك من أنا، أنا الخضر الذي سمعت به، سألني مسكين صدقة، فلم يكن عندي من شيء أعطيه، فسألني بوجه الله فأمكنته من رقبتي، فباعني وأخبرك أنه من سئل بوجه الله فرد سائله وهو بقدر، وقف يوم القيامة جلده لا لحم له ولا عظم، يتقعقع‏.‏

فقال الرجل‏:‏ آمنت بالله، شققت عليك يا نبي الله، ولم أعلم‏.‏

فقال‏:‏ لا بأس أحسنت وأبقيت‏.‏

فقال الرجل‏:‏ بأبي وأمي يا نبي الله، احكم في أهلي ومالي بما أراك الله، أو أخيرك فأخلي سبيلك‏.‏

فقال‏:‏ أحب أن تخلي سبيلي فأعبد ربي، فخلى سبيله‏.‏

فقال الخضر‏:‏ الحمد لله الذي أوقعني في العبودية، ثم نجاني منها‏)‏‏)‏‏.‏

وهذا حديث رفعه خطأ، والأشبه أن يكون موقوفاً وفي رجاله من لا يعرف، فالله أعلم‏.‏

وقد رواه ابن الجوزي في كتابه ‏(‏عجالة المنتظر في شرح حال الخضر‏)‏ من طريق عبدالوهاب بن الضحاك وهو متروك، عن بقية‏.‏

وقد روى الحافظ ابن عساكر بإسناده إلى السدي‏:‏ أن الخضر وإلياس كانا أخوين‏.‏

وكان أبوهما ملكاً فقال إلياس لأبيه‏:‏ إن أخي الخضر لا رغبة له في الملك، فلو أنك زوجته لعله يجيء منه ولد يكون الملك له‏.‏

فزوجه أبوه بامرأة حسناء بكر‏.‏

فقال لها الخضر‏:‏ إنه لا حاجة لي في النساء فإن شئت أطلقت سراحك، وإن شئت أقمت معي تعبدين الله عز وجل وتكتمين علي سري‏؟‏

فقالت‏:‏ نعم، وأقامت معه سنة، فلما مضت السنة دعاها الملك فقال‏:‏ إنك شابة وابني شاب، فأين الولد‏؟‏

فقالت‏:‏ إنما الولد من عند الله، إن شاء كان، وإن لم يشأ لم يكن‏.‏ فأمره أبوه فطلقها وزوجه بأخرى ثيبا قد ولد لها، فلما زفت إليه قال لها كما قال للتي قبلها، فأجابت إلى الإقامة عنده‏.‏

فلما مضت السنة سألها الملك عن الولد فقالت‏:‏ إن ابنك لا حاجة له بالنساء، فتطلبه أبوه فهرب، فأرسل وراءه فلم يقدروا عليه‏.‏ فيقال‏:‏ إنه قتل المرأة الثانية لكونها أفشت سره، فهرب من أجل ذلك، وأطلق سراح الأخرى، فأقامت تعبد الله في بعض نواحي تلك المدينة، فمر بها رجل يوماً فسمعته يقول‏:‏ بسم الله‏.‏

فقالت له‏:‏ أنى لك هذا الاسم‏؟‏

فقال‏:‏ إني من أصحاب الخضر، فتزوجته فولدت له أولاداً‏.‏ ثم صار من أمرها أن صارت ماشطة بنت فرعون، فبينما هي يوماً تمشطها، إذ وقع المشط من يدها، فقالت‏:‏ بسم الله‏.‏

فقالت ابنة فرعون‏:‏ أبي‏؟‏

فقالت‏:‏ لا، ربي وربك ورب أبيك، الله‏.‏

فأعلمت أباها، فأمر بنقرة من نحاس فأحميت، ثم أمر بها فألقيت فيه، فلما عاينت ذلك تقاعست أن تقع فيها، فقال لها ابن معها صغير‏:‏ يا أمه اصبري فإنك على الحق فألقت نفسها في النار، فماتت رحمها الله‏.‏

وقد روى ابن عساكر، عن أبي داود الأعمى - نفيع وهو كذاب - وضاع عن أنس بن مالك، ومن طريق كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف - وهو كذاب أيضاً - عن أبيه، عن جده‏:‏ أن الخضر جاء ليلة فسمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يدعو ويقول‏:‏

‏(‏‏(‏اللهم أعني على ما ينجيني مما خوفتني، وارزقني شوق الصالحين إلى ما شوقتهم إليه‏)‏‏)‏‏.‏

فبعث إليه رسول الله أنس بن مالك فسلم عليه، فرد عليه السلام وقال‏:‏ قل له‏:‏ إن الله فضلك على الأنبياء كما فضل شهر رمضان على سائر الشهور، وفضل أمتك على الأمم كما فضل يوم الجمعة على غيره‏.‏

الحديث، وهو مكذوب لا يصح سنداً ولا متناً‏.‏

كيف لا يتمثل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويجيء بنفسه مسلماً ومتعلماً‏.‏ وهم يذكرون في حكاياتهم وما يسندونه عن بعض مشايخهم، أن الخضر يأتي إليهم ويسلم عليهم، ويعرف أسماءهم ومنازلهم ومحالهم، وهو مع هذا لا يعرف موسى بن عمران كليم الله، الذي اصطفاه الله في ذلك الزمان على من سواه، حتى يتعرف إليه بأنه موسى بني إسرائيل‏.‏

وقد قال الحافظ أبو الحسين بن المنادى بعد إيراده حديث أنس هذا‏:‏ وأهل الحديث متفقون على أنه حديث منكر الإسناد، سقيم المتن، يتبين فيه أثر الصنعة‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مسافر بلا عنوان
عضوممتاز
عضوممتاز
مسافر بلا عنوان


عدد المساهمات : 577
تاريخ التسجيل : 01/07/2009
ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Flag

ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ركن التاريخ الاسلامى   ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Emptyالخميس سبتمبر 10, 2009 11:26 am

فأما الحديث الذي رواه الحافظ أبو بكر البيهقي قائلاً‏:‏ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو بكر بن بالويه، قال‏:‏ حدثنا محمد بن بشر بن مطر، قال‏:‏ حدثنا كامل بن طلحة، قال‏:‏ حدثنا عباد بن عبدالصمد، عن أنس بن مالك قال‏:‏

لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدق به أصحابه، فبكوا حوله، واجتمعوا فدخل رجل أشهب اللحية، جسيم صبيح، فتخطى رقابهم، فبكى، ثم التفت إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏

إن في الله عزاء من كل مصيبة وعوضا من كل فائت، وخلفا من كل هالك، فإلى الله فأنيبوا وإليه فارغبوا، ونظر إليكم في البلاء، فانظروا فإن المصاب من لم يجبر وانصرف، فقال بعضهم لبعض‏:‏ تعرفون الرجل‏؟‏ فقال أبو بكر وعلي

نعم‏:‏ هو أخو رسول الله صلى الله عليه وسلم الخضر عليه السلام‏.‏

وقد رواه أبو بكر بن أبي الدنيا، عن كامل بن طلح به وفي متنه مخالفة لسياق البيهقي‏.‏

ثم قال البيهقي‏:‏ عباد بن عبد الصمد ضعيف، وهذا منكر بمرة قلت‏:‏ عباد بن عبد الصمد هذا هو‏:‏ ابن معمر البصري روى عن أنس نسخة‏.‏

قال ابن حبان والعقيلي‏:‏ أكثرها موضوع‏.‏

وقال البخاري‏:‏ منكر الحديث‏.‏

وقال أبو حاتم‏:‏ ضعيف الحديث جداً منكره‏.‏

وقال ابن عدي‏:‏ عامة ما يرويه في فضائل علي وهو ضعيف غال في التشيع‏.‏

وقال الشافعي في ‏(‏مسنده‏)‏‏:‏ أخبرنا القاسم بن عبد الله بن عمر، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين قال‏:‏ لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءت التعزية سمعوا قائلا يقول‏:‏ إن في الله عزاء من كل مصيبة، وخلفا من كل هالك، ودركا من كل فائت، فبالله فثقوا وإياه فارجوا فإن المصاب من حرم الثواب‏.‏

قال علي بن الحسين‏:‏ أتدرون من هذا، هذا الخضر‏.‏

شيخ الشافعي القاسم العمري متروك‏.‏

قال أحمد بن حنبل‏:‏ ويحيى بن معين يكذب‏.‏

زاد أحمد ويضع الحديث، ثم هو مرسل ومثله لا يعتمد عليه ههنا والله أعلم‏.‏

وقد روى من وجه آخر ضعيف عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن أبيه، عن علي ولا يصح‏.‏ وقد روى عبد الله بن وهب عمن حدثه عن محمد بن عجلان، عن محمد بن المنكدر‏:‏ أن عمر بن الخطاب بينما هو يصلي على جنازة إذ سمع هاتفاً وهو يقول‏:‏ لا تسبقنا يرحمك الله، فانتظره حتى لحق بالصف، فذكر دعاءه للميت إن تعذبه فكثيراً عصاك، وإن تغفر له ففقير إلى رحمتك‏.‏

ولما دفن قال‏:‏ طوبى لك يا صاحب القبر، إن لم تكن عريفا أو جابيا أو خازنا أو كاتبا أو شرطيا‏.‏

فقال عمر‏:‏ خذوا الرجل نسأله عن صلاته وكلامه عمن هو‏.‏

قال‏:‏ فتوارى عنهم فنظروا فإذا أثر قدمه ذراع، فقال عمر‏:‏ هذا والله الخضر الذي حدثنا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ وهذا الأثر فيه مبهم وفيه انقطاع ولا يصح مثله‏.‏

وروى الحافظ بن عساكر عن الثوري عن عبد الله بن محرز، عن يزيد بن الأصم، عن علي بن أبي طالب قال‏:‏ دخلت الطواف في بعض الليل فإذا أنا برجل متعلق بأستار الكعبة وهو يقول‏:‏ يا من لا يمنعه سمع من سمع، ويا من لا تغلطه المسائل، ويا من لا يبرمه إلحاح الملحين، ولا مسألة السائلين ارزقني برد عفوك وحلاوة رحمتك‏.‏

قال‏:‏ فقلت‏:‏ أعد علي ما قلت‏.‏

فقال لي‏:‏ أو سمعته‏؟‏

قلت‏:‏ نعم‏.‏

فقال لي‏:‏ والذي نفس الخضر بيده‏.‏

قال‏:‏ وكان هو الخضر لا يقولها عبد خلف صلاة مكتوبة إلا غفر الله له ذنوبه، ولو كانت مثل زبد البحر، وورق الشجر، وعدد النجوم لغفرها الله له‏.‏

وهذا ضعيف من جهة عبد الله بن المحرز فإنه متروك الحديث، ويزيد بن الأصم لم يدرك عليا؛ ومثل هذا لا يصح، والله أعلم‏.‏ وقد رواه أبو إسماعيل الترمذي‏:‏ حدثنا مالك بن إسماعيل، حدثنا صالح بن أبي الأسود، عن محفوظ بن عبد الله الحضرمي، عن محمد بن يحيى، قال‏:‏ بينما علي بن أبي طالب يطوف بالكعبة إذا هو برجل متعلق بأستار الكعبة وهو يقول‏:‏ يا من لا يشغله سمع عن سمع، ويا من لا يغلطه السائلون، ويا من لا يتبرم بإلحاح الملحين، ارزقني برد عفوك وحلاوة رحمتك‏.‏

قال‏:‏ فقال له علي‏:‏ يا عبد الله أعد دعاءك هذا‏.‏

قال‏:‏ وقد سمعته‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قال‏:‏ فادع به في دبر كل صلاة، فوالذي نفس الخضر بيده لو كانت عليك من الذنوب عدد نجوم السماء، ومطرها، وحصباء الأرض، وترابها لغفر لك أسرع من طرفة عين‏.‏ وهذا أيضا منقطع وفي إسناده من لا يعرف، والله أعلم‏.‏

وقد أورد ابن الجوزي من طريق أبي بكر بن أبي الدنيا‏:‏ حدثنا يعقوب بن يوسف، حدثنا مالك بن إسماعيل فذكر نحوه‏.‏

ثم قال‏:‏ وهذا إسناد مجهول منقطع وليس فيه ما يدل على أن الرجل الخضر‏.‏

وقال الحافظ أبو القاسم بن عساكر‏:‏ أنبأنا أبو القاسم بن الحصين، أنبأنا أبو طالب محمد بن محمد، أنبأنا أبو إسحق المزكي، حدثنا محمد بن إسحق بن خزيمة، حدثنا محمد بن أحمد بن يزيد أملاه علينا بعبادان، أنبأنا عمرو بن عاصم، حدثنا الحسن بن زريق، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، قال‏:‏

ولا أعلمه إلا مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال‏:‏

‏(‏‏(‏يلتقي الخضر وإلياس كل عام في الموسم، فيحلق كل واحد منهما رأس صاحبه، ويتفرقان عن هؤلاء الكلمات‏:‏ بسم الله ما شاء الله لا يسوق الخير إلا الله، ما شاء الله لا يصرف الشر إلا الله، ما شاء الله ما كان من نعمة فمن الله، ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله‏)‏‏)‏‏.‏

وقال ابن عباس‏:‏ من قالهن حين يصبح وحين يمسي ثلاث مرات، آمنه الله من الغرق والحق والسرق‏.‏ قال‏:‏ وأحسبه قال‏:‏ ومن الشيطان، والسلطان، والحية، والعقرب‏.‏

قال الدارقطني في الأفراد‏:‏ هذا حديث غريب من حديث ابن جريج لم يحدث به غير هذا الشيخ عنه، يعني الحسن بن زريق هذا‏.‏

وقد روى عنه محمد بن كثير العبدي أيضا، ومع هذا قال فيه الحافظ أبو أحمد بن عدي‏:‏ ليس بالمعروف‏.‏

وقال الحافظ أبو جعفر العقيلي‏:‏ مجهول وحديثه غير محفوظ‏.‏

وقال أبو الحسن بن المنادي‏:‏ هو حديث واه بالحسن بن زريق‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مسافر بلا عنوان
عضوممتاز
عضوممتاز
مسافر بلا عنوان


عدد المساهمات : 577
تاريخ التسجيل : 01/07/2009
ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Flag

ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ركن التاريخ الاسلامى   ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Emptyالخميس سبتمبر 10, 2009 11:26 am

وقد روى ابن عساكر نحوه من طريق علي بن الحسن الجهضمي، وهو كذاب عن ضمرة بن حبيب المقدسي، عن أبيه، عن العلاء بن زياد القشيري، عن عبد الله بن الحسن عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب مرفوعاً قال‏:‏ يجتمع كل يوم عرفة بعرفات جبريل، وميكائيل، وإسرافيل والخضر‏.‏ وذكر حديثا طويلاً موضوعاً تركنا إيراده قصدا، ولله الحمد‏.‏

وروى ابن عساكر من طريق هشام بن خالد، عن الحسن بن يحيى الخشني، عن ابن أبي رواد، قال‏:‏ إلياس والخضر يصومان شهر رمضان ببيت المقدس، ويحجان في كل سنة، ويشربان من ماء زمزم شربة واحدة تكفيهما إلى مثلها من قابل‏.‏

وروى ابن عساكر أن الوليد بن عبد الملك بن مروان، باني جامع دمشق، أحب أن يتعبد ليلة في المسجد، فأمر القوم أن يخلوه له ففعلوا، فلما كان من الليل جاء من باب الساعات فدخل الجامع، فإذا رجل قائم يصلي فيما بينه وبين باب الخضراء، فقال للقوم‏:‏ ألم آمركم أن تخلوه‏؟‏

فقالوا‏:‏ يا أمير المؤمنين، هذا الخضر يجيء كل ليلة يصلي ههنا‏.‏

وقال ابن عساكر أيضا‏:‏ أنبأنا أبو القاسم بن إسماعيل بن أحمد، أنبأنا أبو بكر بن الطبري، أنبأنا أبو الحسين بن الفضل، أنبأنا عبد الله بن جعفر، حدثنا يعقوب - هو ابن سفيان الفسوي - حدثني محمد بن عبد العزيز حدثنا حمزة، عن السري بن يحيى، عن رباح بن عبيدة، قال‏:‏ رأيت رجلا يماشي عمر بن عبد العزيز معتمدا على يديه، فقلت في نفسي‏:‏

إن هذا الرجل حافي، قال‏:‏ فلما انصرف من الصلاة‏.‏

قلت‏:‏ من الرجل الذي كان معتمدا على يدك آنفا‏؟‏

قال‏:‏ وهل رأيته يا رباح‏؟‏

قلت‏:‏ نعم‏.‏

قال‏:‏ ما أحسبك إلا رجلاً صالحاً ذاك أخي الخضر بشرني أني سألي وأعدل‏.‏

قال الشيخ أبو الفرج بن الجوزي‏:‏ الرملي مجروح عند العلماء‏.‏

وقد قدح أبو الحسين بن المنادى في ضمرة والسرى ورباح، ثم أورد من طرق أخر، عن عمر بن عبد العزيز أنه اجتمع بالخضر وضعفها كلها‏.‏

وروى ابن عساكر أيضا‏:‏ أنه اجتمع بإبراهيم التيمي، وبسفيان بن عيينة، وجماعة يطول ذكرهم‏.‏

وهذه الروايات والحكايات هي عمدة من ذهب إلى حياته إلى اليوم، وكل من الأحاديث المرفوعة ضعيفة جداً لا يقوم بمثلها حجة في الدين، والحكايات لا يخلو أكثرها عن ضعف في الإسناد، وقصراها أنها صحيحة إلى من ليس بمعصوم من صحابي أو غيره، لأنه يجوز عليه الخطأ والله أعلم‏.‏

وقال عبد الرزاق‏:‏ أنبأنا معمر، عن الزهري، أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن أبا سعيد قال‏:‏ حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما حديثاً طويلاً عن الدجال‏.‏ وقال فيما يحدثنا‏:‏

‏(‏‏(‏يأتي الدجال - وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة - فينتهي إلى بعض السباخ التي تلي المدينة، فيخرج إليه يومئذ رجل هو خير الناس، أو من خيرهم‏.‏

فيقول له‏:‏ أشهد أنك أنت الدجال الذي حدثنا عنك رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديثه‏.‏

فيقول الدجال‏:‏ أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته أتشكون في الأمر‏؟‏

فيقولون‏:‏ لا‏.‏

فيقتله ثم يحييه، فيقول حين يحيى‏:‏ والله ما كنت أشد بصيرة فيك مني الآن‏.‏

قال‏:‏ فيريد قتله الثانية فلا يسلط عليه‏)‏‏)‏‏.‏

قال معمر‏:‏ بلغني أنه يجعل على حلقه صحيفة من نحاس، وبلغني أنه الخضر الذي يقتله الدجال ثم يحييه، وهذا الحديث مخرج في ‏(‏الصحيحين‏)‏ من حديث الزهري به‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 1/ 390‏)‏

وقال أبو اسحق إبراهيم بن محمد بن سفيان الفقيه الراوي، عن مسلم‏:‏ الصحيح أن يقال‏:‏ إن هذا الرجل الخضر، وقول معمر، وغيره‏:‏ بلغني ليس فيه حجة، وقد ورد في بعض ألفاظ الحديث، فيأتي بشاب ممتلىء شباب فيقتله، وقوله الذي حدثنا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقتضي المشافهة بل يكفي التواتر‏.‏

وقد تصدى الشيخ أبو الفرج بن الجوزي - رحمه الله - في كتابه ‏(‏عجالة المنتظر في شرح حالة الخضر‏)‏ للأحاديث الواردة في ذلك من المرفوعات، فبين أنها موضوعات، ومن الآثار عن الصحابة والتابعين فمن بعدهم، فبين ضعف أسانيدها ببيان أحوالها، وجهالة رجالها، وقد أجاد في ذلك وأحسن الانتقاد‏.‏

وأما الذين ذهبوا إلى أنه قد مات، ومنهم‏:‏ البخاري، وإبراهيم الحربي، وأبو الحسين بن المنادي، والشيخ أبو الفرج بن الجوزي، وقد انتصر لذلك، وألف فيه كتاباً سماه‏:‏ ‏(‏عجالة المنتظر في شرح حالة الخضر‏)‏ فيحتج لهم بأشياء كثيرة، منها قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ‏}‏ ‏[‏الأنبياء‏:‏ 34‏]‏‏.‏

فالخضر إن كان بشراً فقد دخل في هذا العموم لا محالة، ولا يجوز تخصيصه منه إلا بدليل صحيح‏.‏ انتهى‏.‏

والأصل عدمه حتى يثبت‏.‏

ولم يذكر ما فيه دليل على التخصيص عن معصوم يجب قبوله‏.‏ ومنها‏:‏ أن الله تعالى قال‏:‏ ‏{‏وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ ءأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 81‏]‏‏.‏

قال ابن عباس‏:‏ ما بعث الله نبياً إلا أخذ عليه الميثاق، لئن بعث محمد وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه‏.‏ وأمره أن يأخذ على أمته الميثاق، لئن بعث محمد وهم أحياء ليؤمنن به وينصرنه‏.‏ ذكره البخاري عنه‏.‏

فالخضر إن كان نبياً أو ولياً، فقد دخل في هذا الميثاق، فلو كان حياً في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكان أشرف أحواله، أن يكون بين يديه يؤمن بما أنزل الله عليه، وينصره أن يصل أحد من الأعداء إليه، لأنه إن كان ولياً فالصديق أفضل منه، وإن كان نبياً فموسى أفضل منه‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 1/ 391‏)‏

وقد روى الإمام أحمد في ‏(‏مسنده‏)‏‏:‏ حدثنا شريح بن النعمان، حدثنا هشيم، أنبأنا مجالد، عن الشعبي، عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏

‏(‏‏(‏والذي نفسي بيده، لو أن موسى كان حياً ما وسعه إلا أن يتبعني‏)‏‏)‏‏.‏

وهذا الذي يقطع به، ويعلم من الدين علم الضرورة‏.‏

وقد دلت عليه هذه الآية الكريمة أن الأنبياء كلهم لو فرض أنهم أحياء مكلفون في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكانوا كلهم أتباعاً له، وتحت أوامره، وفي عموم شرعه‏.‏

كما أنه صلوات الله وسلامه عليه، لما اجتمع معهم ليلة الإسراء، رفع فوقهم كلهم، ولما هبطوا معه إلى بيت المقدس، وحانت الصلاة، أمره جبريل عن أمر الله أن يؤمهم، فصلى بهم في محل ولايتهم، ودار إقامتهم، فدل على أنه الإمام الأعظم، والرسول الخاتم المبجل المقدم، صلوات الله وسلامه عليه، وعليهم أجمعين‏.‏

فإذا علم هذا - وهو معلوم عند كل مؤمن - علم أنه لو كان الخضر حياً لكان من جملة أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وممن يقتدي بشرعه لا يسعه إلا ذلك‏.‏

هذا عيسى بن مريم عليه السلام، إذا نزل في آخر الزمان بحكم بهذه الشريعة المطهرة، لا يخرج منها ولا يحيد عنها، وهو أحد أولي العزم الخمسة المرسلين، وخاتم أنبياء بني إسرائيل، والمعلوم أن الخضر لم ينقل بسند صحيح ولا حسن تسكن النفس إليه، أنه اجتمع برسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم واحد، ولم يشهد معه قتالاً في مشهد من المشاهد‏.‏

وهذا يوم بدر يقول الصادق المصدوق، فيما دعا به لربه عز وجل، واستنصره، واستفتحه على من كفره‏:‏

‏(‏‏(‏اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد بعدها في الأرض‏)‏‏)‏‏.‏

وتلك العصابة كان تحتها سادة المسلمين يومئذ، وسادة الملائكة حتى جبريل عليه السلام، كما قال حسان بن ثابت في قصيدة له في بيت يقال إنه أفخر بيت قالته العرب‏:‏

وثبير بدر إذ يرد وجوههم * جبريل تحت لوائنا ومحمد

فلو كان الخضر حياً لكان وقوفه تحت هذه الراية أشرف مقاماته، وأعظم غزواته‏.‏

قال القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين بن الفراء الحنبلي‏:‏ سئل بعض أصحابنا عن الخصر هل مات‏؟‏

فقال‏:‏ نعم‏.‏

قال‏:‏ وبلغني مثل هذا عن أبي طاهر بن الغباري‏.‏

قال‏:‏ وكان يحتج بأنه لو كان حياً لجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ نقله ابن الجوزي في العجالة‏.‏

فإن قيل‏:‏ فهل يقال إنه كان حاضراً في هذه المواطن كلها‏؟‏ ولكن لم يكن أحد يراه‏.‏

فالجواب‏:‏ أن الأصل عدم هذا الاحتمال البعيد، الذي يلزم منه تخصيص العموميات بمجرد التوهمات‏.‏

ثم ما الحاصل له على هذا الاختفاء، وظهوره أعظم لأجره وأعلى في مرتبته، وأظهر لمعجزته‏؟‏ ‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مسافر بلا عنوان
عضوممتاز
عضوممتاز
مسافر بلا عنوان


عدد المساهمات : 577
تاريخ التسجيل : 01/07/2009
ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Flag

ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ركن التاريخ الاسلامى   ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Emptyالخميس سبتمبر 10, 2009 11:28 am

ثم لو كان باقياً بعده لكان تبليغه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأحاديث النبوية، والآيات القرآنية، وإنكاره لما وقع من الأحاديث المكذوبة، والروايات المقلوبة، والآراء البدعية، والأهواء العصبية، وقتاله مع المسلمين في غزواتهم، وشهوده جمعه وجماعاتهم، ونفعه إياهم، ودفعه الضرر عنهم ممن سواهم، وتسديده العلماء والحكام، وتقريره الأدلة والأحكام، أفضل ما يقال عنه من كنونه في الأمصار، وجوبه الفيافي والأقطار‏.‏

واجتماعه بعباد لا يعرف أحوال كثير منهم، وجعله لهم كالنقيب المترجم عنهم‏.‏ وهذا الذي ذكرناه لا يتوقف أحد فيه بعد التفهيم، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم‏.‏

ومن ذلك ما ثبت في ‏(‏الصحيحين‏)‏ وغيرهما، عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، صلى ليلة العشاء ثم قال‏:‏

‏(‏‏(‏أرأيتم ليلتكم هذه، فإنه إلى مائة سنة لا يبقى ممن هو على وجه الأرض اليوم أحد‏)‏‏)‏‏.‏

وفي رواية‏:‏ ‏(‏‏(‏عين تطرف‏)‏‏)‏ قال ابن عمر‏:‏ فوهل الناس في مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه، وإنما أراد انخرام قرنه‏.‏

قال الإمام أحمد‏:‏ حدثنا عبدالرزاق، أنبأنا معمر، عن الزهري، قال‏:‏ أخبرني سالم بن عبد الله، وأبو بكر بن سليمان بن أبي خيثمة، أن عبد الله بن عمر قال‏:‏ صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة العشاء في آخر حياته، فلما سلم قام، فقال‏:‏

‏(‏‏(‏أرأيتم ليلتكم هذه فإن على رأس مائة سنة لا يبقى ممن على ظهر الأرض أحد‏)‏‏)‏‏.‏

وأخرجه البخاري، ومسلم من حديث الزهري‏.‏

وقال الإمام أحمد‏:‏ حدثنا محمد بن أبي عدي، عن سليمان التيمي، عن أبي نضرة، عن جابر بن عبد الله قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته بقليل، أو بشهر‏:‏

‏(‏‏(‏ما من نفس منفوسة، أو ما منكم من نفس اليوم منفوسة يأتي عليها مائة سنة، وهي يومئذ حية‏)‏‏)‏‏.‏

وقال أحمد‏:‏ حدثنا موسى بن داود، حدثنا ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال قبل أن يموت بشهر‏:‏

‏(‏‏(‏يسألونني عن الساعة، وإنما علمها عند الله، أقسم بالله ما على الأرض نفس منفوسة اليوم، يأتي عليها مائة سنة‏)‏‏)‏‏.‏

وهكذا رواه مسلم، من طريق أبي نضرة، وأبي الزبير، كل منهما عن جابر بن عبد الله به نحوه‏.‏

وقال الترمذي‏:‏ حدثنا عباد، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏(‏‏(‏ما على الأرض من نفس منفوسة يأتي عليها مائة سنة‏)‏‏)‏‏.‏

وهذا أيضاً على شرط مسلم‏.‏

قال ابن الجوزي‏:‏ فهذه الأحاديث الصحاح تقطع دابر دعوى حياة الخضر‏.‏ قالوا‏:‏ فالخضر إن لم يكن قد أدرك زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما هو المظنون الذي يترقى في القوة إلى القطع، فلا إشكال‏.‏

وإن كان قد أدرك زمانه، فهذا الحديث يقتضي أنه لم يعش بعد مائة سنة، فيكون الآن مفقوداً لا موجوداً، لأنه داخل في هذا العموم، والأصل عدم المخصص له، حتى يثبت بدليل صحيح يجب قبوله، والله أعلم‏.‏ ‏

وقد حكى الحافظ أبو القاسم السهيلي في كتابه ‏(‏التعريف والأعلام‏)‏ عن البخاري، وشيخه أبي بكر ابن العربي أنه أدرك حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن مات بعده، لهذا الحديث‏.‏ وفي كون البخاري رحمه الله يقول بهذا، وأنه بقي إلى زمان النبي صلى الله عليه وسلم نظر‏.‏

ورجح السهيلي بقاءه، وحكاه عن الأكثرين قال‏:‏ وأما اجتماعهم مع النبي صلى الله عليه وسلم وتعزيته لأهل البيت بعده، فمروى من طرق صحاح، ثم ذكر ما تقدم مما ضعفناه، ولم يورد أسانيدها، والله أعلم‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مسافر بلا عنوان
عضوممتاز
عضوممتاز
مسافر بلا عنوان


عدد المساهمات : 577
تاريخ التسجيل : 01/07/2009
ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Flag

ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ركن التاريخ الاسلامى   ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Emptyالخميس سبتمبر 10, 2009 11:30 am

وأما إلياس عليه السلام

فقال الله تعالى بعد قصة موسى وهارون من سورة الصافات‏:‏ ‏{‏وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ * أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ * اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ * فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ * إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ * إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ‏}‏ ‏[‏الصافات‏:‏ 123-132‏]‏

قال علماء النسب‏:‏ هو إلياس التشبي، ويقال‏:‏ ابن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون‏.‏ وقيل‏:‏ إلياس بن العازر بن العيزار بن هارون بن عمران‏.‏

قالوا‏:‏ وكان إرساله إلى أهل بعلبك غربي دمشق، فدعاهم إلى الله عز وجل، وأن يتركوا عبادة صنم لهم، كانوا يسمونه بعلا‏.‏

وقيل‏:‏ كانت امرأة اسمها بعل، والأول أصح‏.‏

ولهذا قال لهم‏:‏ ‏{‏أَلَا تَتَّقُونَ * أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ * اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ‏}‏ فكذبوه وخالفوه، وأرادوا قتله‏.‏ فيقال‏:‏ إنه هرب منهم، واختفى عنهم‏.‏

قال أبو يعقوب الأذرعي، عن يزيد بن عبد الصمد، عن هشام بن عمار قال‏:‏ وسمعت من يذكر عن كعب الأحبار أنه قال‏:‏ إن إلياس اختفى من ملك قومه في الغار، الذي تحت الدم عشر سنين، حتى أهلك الله الملك، وولي غيره، فأتاه إلياس فعرض عليه الإسلام فأسلم، وأسلم من قومه خلق عظيم غير عشرة آلاف منهم، فأمر بهم فقتلوا عن آخرهم‏.‏

وقال ابن أبي الدنيا‏:‏ حدثني أبو محمد القاسم بن هاشم، حدثنا عمر بن سعيد الدمشقي، حدثنا سعيد بن عبد العزيز، عن بعض مشيخة دمشق قال‏:‏ أقام إلياس عليه السلام هارباً من قومه في كهف جبل، عشرين ليلة - أو قال‏:‏ أربعين ليلة - تأتيه الغربان برزقه‏.‏ وقال محمد بن سعد كاتب الواقدي‏:‏ أنبأنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي، عن أبيه قال‏:‏ أول نبي بعث إدريس، ثم نوح، ثم إبراهيم، ثم إسماعيل وإسحاق، ثم يعقوب، ثم يوسف، ثم لوط، ثم هود، ثم صالح، ثم شعيب، ثم موسى وهارون ابنا عمران، ثم إلياس التشبي بن العازر بن هارون بن عمران بن قاهث بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام‏.‏ هكذا قال وفي هذا الترتيب نظر‏.‏

وقال مكحول عن كعب‏:‏ أربعة أنبياء أحياء‏:‏ اثنان في الأرض، إلياس والخضر، واثنان في السماء‏:‏ إدريس وعيسى عليهما السلام، وقد قدمنا قول من ذكر أن إلياس والخضر يجتمعان في كل عام، في شهر رمضان ببيت المقدس، وأنهما يحجان كل سنة، ويشربان من زمزم شربة تكفيهما إلى مثلها من العام المقبل‏.‏ وأوردنا الحديث الذي فيه‏:‏ أنهما يجتمعان بعرفات كل سنة‏.‏ وبينا أنه لم يصح شيء من ذلك، وأن الذي يقوم عليه الدليل‏:‏ أن الخضر مات، وكذلك إلياس عليهما السلام‏.‏

وما ذكره وهب بن منبه، وغيره‏:‏ أنه لما دعا ربه عز وجل أن يقبضه إليه لما كذبوه وآذوه، فجاءته دابة لونها لون النار، فركبها وجعل الله له ريشاً، وألبسه النور، وقطع عنه لذة المطعم والمشرب، وصار ملكياً بشرياً، سماوياً أرضياً، وأوصى إلى اليسع بن أخطوب، ففي هذا نظر، وهو من الإسرائيليات التي لا تصدق ولا تكذب، بل الظاهر أن صحتها بعيدة، والله أعلم‏.‏

فأما الحديث الذي رواه الحافظ أبو بكر البيهقي‏:‏ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثني أبو أحمد بن سعيد المعداني ببخارى، حدثنا عبد الله بن محمود، حدثنا عبدان بن سنان، حدثني أحمد بن عبد الله البرقي، حدثنا يزيد بن يزيد البلوي، حدثنا أبو إسحاق الفزاري، عن الأوزاعي، عن مكحول، عن أنس بن مالك قال‏:‏

كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزلنا منزلا فإذا رجل في الوادي يقول‏:‏ اللهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، المرحومة المغفورة المثاب لها، قال فأشرفت على الوادي، فإذا رجل طوله أكثر من ثلاثمائة ذراع، فقال لي‏:‏ من أنت‏؟‏

فقلت‏:‏ أنس بن مالك، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

قال‏:‏ فأين هو‏؟‏

قلت‏:‏ هو ذا يسمع كلامك‏.‏

قال‏:‏ فأته فأقرئه السلام، وقل له‏:‏ أخوك إلياس يقرئك السلام

قال‏:‏ فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فجاء حتى لقيه فعانقه وسلم، ثم قعدا يتحادثان، فقال له‏:‏ يا رسول الله إني ما آكل في سنة إلا يوماً، وهذا يوم فطري فآكل أنا وأنت‏.‏

قال‏:‏ فنزلت عليهما مائدة من السماء، عليها خبز وحوت وكرفس، فـأكلا وأطعماني، وصلينا العصر، ثم ودعه ثم رأيته مر في السحاب نحو السماء‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 1/ 395‏)‏

فقد كفانا البيهقي أمره، وقال‏:‏ هذا حديث ضعيف بمرة، والعجب أن الحاكم أبا عبد الله النيسابوري أخرجه في ‏(‏مستدركه‏)‏ على ‏(‏الصحيحين‏)‏، وهذا مما يستدرك به على ‏(‏مستدركه‏)‏، فإنه حديث موضوع، مخالف للأحاديث الصحاح من وجوه‏.‏

ومعناه لا يصح أيضاً، فقد تقدم في ‏(‏الصحيحين‏)‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏

‏(‏‏(‏إن الله خلق آدم طوله ستون ذراعاً في السماء‏)‏‏)‏‏.‏

إلى أن قال‏:‏ ‏(‏‏(‏ثم لم يزل الخلق ينقص حتى الآن‏)‏‏)‏‏.‏

وفيه أنه لم يأت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان هو الذي ذهب إليه‏.‏ وهذا لا يصح لأنه كان أحق بالسعي إلى بين يدي خاتم الأنبياء، وفيه أنه يأكل في السنة مرة، وقد تقدم عن وهب أنه سلبه الله لذة المطعم والمشرب، وفيما تقدم عن بعضهم أنه يشرب من زمزم كل سنة شربة تكفيه إلى مثلها من الحول الآخر‏.‏

وهذه أشياء متعارضة، وكلها باطلة، لا يصح شيء منها‏.‏

وقد ساق ابن عساكر هذا الحديث من طريق أخرى، واعترف بضعفها، وهذا عجب منه، كيف تكلم عليه فإنه أورده من طريق حسين بن عرفة، عن هانىء بن الحسن، عن بقية، عن الأوزاعي، عن مكحول، عن واثلة، عن ابن الأسقع فذكر نحو هذا مطولاً‏.‏

وفيه أن ذلك كان في غزوة تبوك وأنه بعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أنس بن مالك، وحذيفة بن اليمان قالا‏:‏ فإذا هو أعلى جسماً بذراعين أو ثلاثة، واعتذر بعدم قدرته لئلا تنفر الإبل‏.‏

وفيه أنه لما اجتمع به رسول الله صلى الله عليه وسلم أكلا من طعام الجنة، وقال‏:‏ إن لي في كل أربعين يوماً أكلة، وفي المائدة خبز ورمان وعنب وموز ورطب وبقل، ما عدا الكراث‏.‏

وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله عن الخضر فقال‏:‏ عهدي به عام أول، وقال لي‏:‏ إنك ستلقاه قبلي، فأقرئه مني السلام‏.‏ وهذا يدل على أن الخضر وإلياس بتقدير وجودهما، وصحة هذا الحديث، لم يجتمعا به إلى سنة تسع من الهجرة، وهنا لا يسوغ شرعاً، وهذا موضوع أيضاً، وقد أورد ابن عساكر طرقاً فيمن اجتمع بإلياس من العباد، وكلها لا يفرح بها لضعف إسنادها، أو لجهالة المسند إليه فيها‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مسافر بلا عنوان
عضوممتاز
عضوممتاز
مسافر بلا عنوان


عدد المساهمات : 577
تاريخ التسجيل : 01/07/2009
ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Flag

ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ركن التاريخ الاسلامى   ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Emptyالخميس سبتمبر 10, 2009 11:34 am

ومن أحسنها ما قال أبو بكر بن أبي الدنيا‏:‏ حدثني بشر بن معاذ، حدثنا حماد بن واقد، عن ثابت قال‏:‏ كنا مع مصعب بن الزبير بسواد الكوفة، فدخلت حائطاً أصلي فيه ركعتين، فافتتحت ‏{‏حم * تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ‏.‏‏.‏‏}‏ ‏[‏غافر‏:‏ 1-3‏]‏ فإذا رجل من خلفي على بغلة شهباء، عليه مقطعات يمنية، فقال لي‏:‏ إذا قلت غافر الذنب فقل‏:‏ يا غافر الذنب اغفر لي ذنبي‏.‏

وإذا قلت‏:‏ قابل التوب، فقل‏:‏ يا قابل التوب تقبل توبتي‏.‏

وإذا قلت‏:‏ شديد العقاب، فقل‏:‏ يا شديد العقاب لا تعاقبني‏.‏

وإذا قلت‏:‏ ذي الطول، فقل‏:‏ يا ذا الطول تطول علي برحمة‏.‏ فالتفت فإذا لا أحد، وخرجت فسألت مر بكم رجل على بغلة شهباء عليه مقطعات يمنية‏؟‏ ‏فقالوا‏:‏ ما مر بنا أحد، فكانوا لا يرون إلا أنه إلياس‏.‏

وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ‏}‏ ‏[‏الصافات‏:‏ 127‏]‏ أي‏:‏ للعذاب إما في الدنيا والآخرة، أو في الآخرة‏.‏ والأول أظهر، على ما ذكره المفسرون والمؤرخون‏.‏

وقوله‏:‏ ‏{‏إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ‏}‏ ‏[‏الصافات‏:‏ 128‏]‏ أي‏:‏ إلا من آمن منهم‏.‏

وقوله‏:‏ ‏{‏وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ‏}‏ ‏[‏الصافات‏:‏ 129‏]‏ أي‏:‏ أبقينا بعده ذكراً حسناً له في العالمين، فلا يذكر إلا بخير ولهذا قال‏:‏ ‏{‏سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ‏}‏ ‏[‏الصافات‏:‏ 130‏]‏ أي‏:‏ سلام على إلياس‏.‏

العرب تلحق النون في أسماء كثيرة، وتبدلها من غيرها، كما قالوا‏:‏ إسماعيل وإسماعين، وإسرائيل واسرائين، وإلياس وإلياسين، ومن قرأ‏:‏ سلام على آل ياسين أي‏:‏ على آل محمد، وقرأ ابن مسعود، وغيره‏:‏ سلام على إدراسين‏.‏

ونقل عنه من طريق إسحاق، عن عبيدة بن ربيعة، عن ابن مسعود أنه قال‏:‏ إلياس هو إدريس، وإليه ذهب الضحاك بن مزاحم، وحكاه قتادة، ومحمد بن إسحاق‏.‏ والصحيح أنه غيره كما تقدم، والله أعلم‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مسافر بلا عنوان
عضوممتاز
عضوممتاز
مسافر بلا عنوان


عدد المساهمات : 577
تاريخ التسجيل : 01/07/2009
ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Flag

ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ركن التاريخ الاسلامى   ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Emptyالخميس سبتمبر 10, 2009 11:36 am

ذكر جماعة من أنبياء بني إسرائيل بعد موسى عليه السلام ثم نتبعهم بذكر داود وسليمان عليهما السلام

قال ابن جرير في ‏(‏تاريخه‏)‏‏:‏ لا خلاف بين أهل العلم بأخبار الماضين، وأمور السالفين من أمتنا وغيرهم، أن القائم بأمور بني إسرائيل بعد يوشع كان كالب بن يوفنا، يعني أحد أصحاب موسى عليه السلام، وهو زوج أخته مريم، وهو أحد الرجلين اللذين ممن يخافون الله وهما يوشع وكالب، وهما القائلان لبني إسرائيل حين نكلوا عن الجهاد ‏{‏ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 23‏]‏‏.‏ ال ابن جرير ثم من بعده‏:‏ كان القائم بأمور بني إسرائيل حزقيل بن يوذي، وهو الذي دعا الله فأحيا الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت‏.‏

قصة حزقيل

قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 243‏]‏‏.‏

قال محمد بن إسحاق، عن وهب بن منبه‏:‏ إن كالب بن يوفنا لما قبضه الله إليه بعد يوشع، خلف في بني إسرائيل حزقيل بن بوذي، وهو ابن العجوز، وهو الذي دعا للقوم الذين ذكرهم الله في كتابه فيما بلغنا ‏

‏{‏أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ‏}‏

قال ابن إسحاق‏:‏ فروا من الوباء فنزلوا بصعيد من الأرض، فقال لهم الله موتوا فماتوا جميعاً، فحظروا عليهم حظيرة دون السباع، فمضت عليهم دهور طويلة، فمر بهم حزقيل عليه السلام فوقف عليهم متفكراً، فقيل له‏:‏ أتحب أن يبعثهم الله وأنت تنظر‏؟‏

فقال‏:‏ نعم‏.‏

فأمر أن يدعو تلك العظام أن تكتسي لحماً، وأن يتصل العصب بعضه ببعض، فناداهم عن أمر الله له بذلك، فقام القوم أجمعون وكبروا تكبيرة رجل واحد‏.‏

وقال أسباط، عن السدي، عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة الهمداني، عن ابن مسعود، وعن أناس من الصحابة في قوله‏:‏ ‏{‏أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 243‏]‏‏.‏

قالوا‏:‏ كانت قرية يقال لها داوردان قبل واسط، وقع بها الطاعون فهرب عامة أهلها، فنزلوا ناحية منها فهلك أكثر من بقي في القرية، وسلم الآخرون فلم يمت منهم كثير، فلما ارتفع الطاعون رجعوا سالمين، فقال الذين بقوا‏:‏ أصحابنا هؤلاء كانوا أحزم منا، لو صنعنا كما صنعوا بقينا، ولئن وقع الطاعون ثانية لنخرجن معهم‏.‏

فوقع في قابل فهربوا، وهم بضعة وثلاثون ألفاً، حتى نزلوا ذلك المكان وهو واد أفيح، فناداهم ملك من أسفل الوادي، وآخر من أعلاه، أن موتوا فماتوا، حتى إذا هلكوا وبقيت أجسادهم، مر بهم نبي يقال له حزقيل، فلما رآهم وقف عليهم، فجعل يتفكر فيهم، ويلوي شدقيه وأصابعه‏.‏

فأوحى الله إليه يا حزقيل تريد أن أريك كيف أحييهم‏؟‏

قال‏:‏ نعم، وإنما كان تفكره أنه تعجب من قدرة الله عليهم‏.‏

فقيل له‏:‏ ناد، فنادى‏:‏ يا أيتها العظام إن الله يأمرك أن تجتمعي، فجعلت العظام يطير بعضها إلى بعض حتى كانت أجساداً من عظام، ثم أوحى الله إليه أن نادِ يا أيتها العظام إن الله يأمرك أن تكتسي لحماً، فاكتست لحماً ودماً وثيابها التي ماتت فيها‏.‏

ثم قيل له‏:‏ ناد، فنادى‏:‏ أيتها الأجساد إن الله يأمرك أن تقومي فقاموا، قال أسباط‏:‏ فزعم منصور بن المعتمر، عن مجاهد أنهم قالوا حين أحيوا‏:‏ سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت، فرجعوا إلى قومهم أحياء، يعرفون أنهم كانوا موتى، سحنة الموت على وجوههم، لا يلبسون ثوباً إلا عاد رسماً، حتى ماتوا لآجالهم التي كتبت لهم‏.‏

وعن ابن عباس أنهم كانوا أربعة آلاف‏.‏ وعنه‏:‏ ثمانية آلاف‏.‏

وعن أبي صالح‏:‏ تسعة آلاف‏.‏

وعن ابن عباس أيضاً‏:‏ كانوا أربعين ألفاً‏.‏

وعن سعيد بن عبد العزيز‏:‏ كانوا من أهل أذرعات‏.‏

وقال ابن جريج‏.‏ عن عطاء‏:‏ هذا مثل، يعنى أنه سيق مثلاً مبيناً أنه لن يغنى حذر من قدر، وقول الجمهور أقوى إن هذا وقع‏.‏

وقد روى الإمام أحمد، وصاحبا الصحيح‏.‏ من طريق الزهري‏.‏ عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن عبد الله بن عباس، أن عمر بن الخطاب خرج إلى الشام، حتى إذا كان بسرغ لقيه أمراء الأجناد، أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه، فأخبروه أن الوباء وقع بالشام‏.‏

فذكر الحديث، يعني في مشاورته المهاجرين والأنصار، فاختلفوا عليه، فجاءه عبد الرحمن بن عوف وكان متغيباً ببعض حاجته، فقال‏:‏ إن عندي من هذا علماً، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏

‏(‏‏(‏إذا كان بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه، وإذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه‏)‏‏)‏ فحمد الله عمر ثم انصرف‏.‏

وقال الإمام‏:‏ حدثنا حجاج ويزيد المفتي قالا‏:‏ حدثنا ابن أبي ذؤيب عن الزهري، عن سالم، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة أن عبد الرحمن بن عوف أخبر عمر وهو في الشام، عن النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏(‏‏(‏أن هذا السقم عذب به الأمم قبلكم، فإذا سمعتم به في أرض فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه‏)‏‏)‏‏.‏

قال‏:‏ فرجع عمر من الشام‏.‏ وأخرجاه من حديث مالك، عن الزهري، بنحوه‏.‏

قال محمد بن إسحاق‏:‏ ولم يذكر لنا مدة لبث حزقيل في بني إسرائيل، ثم إن الله قبضه إليه، فلما قبض نسي بنو إسرائيل عهد الله إليهم، وعظمت فيهم الأحداث، وعبدوا الأوثان، وكان في جملة ما يعبدونه من الأصنام صنم يقال له‏:‏ بعل، فبعث الله إليهم إلياس بن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون بن عمران‏.‏

قلت‏:‏ وقد قدمنا قصة إلياس تبعاً لقصة الخضر، لأنهما يقرنان في الذكر غالباً، ولأجل أنها بعد قصة موسى في سورة الصافات، فتعجلنا قصته لذلك، والله أعلم‏.‏

قال محمد بن إسحاق فيما ذكر له عن وهب بن منبه قال‏:‏ ثم تنبأ فيهم بعد إلياس وصيه اليسع بن أخطوب عليه السلام وهذه‏:‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مسافر بلا عنوان
عضوممتاز
عضوممتاز
مسافر بلا عنوان


عدد المساهمات : 577
تاريخ التسجيل : 01/07/2009
ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Flag

ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ركن التاريخ الاسلامى   ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Emptyالخميس سبتمبر 10, 2009 11:38 am

اليسع عليه السلام

وقد ذكره الله تعالى مع الأنبياء في سورة الأنعام في قوله‏:‏ ‏{‏وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلّاً فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 86‏]‏0

وقال تعالى في سورة ص‏:‏ ‏{‏وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ‏}‏ ‏[‏ص‏:‏ 48‏]‏‏.‏

قال إسحاق بن بشر أبو حذيفة، أنبأنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن قال‏:‏ كان بعد إلياس اليسع عليهما السلام، فمكث ما شاء الله أن يمكث، يدعوهم إلى الله مستمسكاً بمنهاج إلياس وشريعته حتى قبضه الله عز وجل إليه، ثم خلف فيهم الخلوف، وعظمت فيهم الأحداث والخطايا، وكثرت الجبابرة، وقتلوا الأنبياء، وكان فيهم ملك عنيد طاغ‏.‏ ويقال‏:‏ إنه الذي تكفل له ذو الكفل إن هو تاب ورجع دخل الجنة فسمى ذا الكفل‏.‏ ‏

قال محمد بن إسحاق‏:‏ هو اليسع بن أخطوب‏.‏ وقال الحافظ أبو القاسم ابن عساكر في حرف الياء من تاريخه‏:‏ اليسع وهو الأسباط بن عدي بن شوتلم بن أفراثيم بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل‏.‏ ويقال‏:‏ هو ابن عم إلياس النبي عليهما السلام، ويقال‏:‏ كان مستخفياً معه بجبل قاسيون من ملك بعلبك، ثم ذهب معه إليها، فلما رفع إلياس، خلفه اليسع في قومه، ونبأه الله بعده‏.‏

ذكر ذلك عبد المنعم بن إدريس، عن أبيه، عن وهب بن منبه قال وقال غيره‏:‏ وكان ببانياس‏.‏

ثم ذكر ابن عساكر قراءة من قرأ اليسع بالتخفيف وبالتشديد، ومن قرأ والليسع وهو اسم واحد لنبي من الأنبياء، قلت‏:‏ قد قدمنا قصة ذا الكفل بعد قصة أيوب عليهما السلام، لأنه قد قيل‏:‏ إنه ابن أيوب، فالله أعلم‏.‏

فصل

قال ابن جرير وغيره‏:‏ ثم مرج أمر بني إسرائيل، وعظمت منهم الخطوب والخطايا، وقتلوا من قتلوا من الأنبياء، وسلط الله عليهم بدل الأنبياء ملوكاً جبارين، يظلمونهم ويسفكون دماءهم، وسلط الله عليهم الأعداء من غيرهم أيضاً، وكانوا إذا قاتلوا أحداً من الأعداء يكون معهم تابوت الميثاق الذي كان في قبة الزمان، كما تقدم ذكره، فكانوا ينصرون ببركته، وبما جعل الله فيه من السكينة والبقية مما ترك آل موسى وآل هارون‏.‏

فلما كان في بعض حروبهم مع أهل غزة وعسقلان، غلبوهم وقهروهم على أخذه، فانتزعوه من أيديهم، فلما علم بذلك ملك بنى إسرائيل في ذلك الزمان، مالت عنقه فمات كمداً، وبقى بنو إسرائيل كالغنم بلا راع، حتى بعث الله فيهم نبياً من الأنبياء يقال له شمويل، فطلبوا منه أن يقيم لهم ملكاً ليقاتلوا معه الأعداء، فكان من أمرهم ما سنذكره مما قص الله في كتابه‏.‏

قال ابن جرير‏:‏ فكان من وفاة يوشع بن نون إلى أن بعث الله عز وجل شمويل بن بالى أربعمائة سنة وستون سنة‏.‏ ثم ذكر تفصيلها بمدد الملوك الذين ملكوا عليهم، وسماهم واحداً واحداً تركنا ذكرهم قصداً‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مسافر بلا عنوان
عضوممتاز
عضوممتاز
مسافر بلا عنوان


عدد المساهمات : 577
تاريخ التسجيل : 01/07/2009
ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Flag

ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ركن التاريخ الاسلامى   ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Emptyالخميس سبتمبر 10, 2009 11:43 am

قصة شمويل عليه السلام وفيها بدأ أمر داود عليه السلام

هو شمويل ويقال له‏:‏ أشمويل بن بالي بن علقمة بن يرخام بن اليهو بن تهو بن صوف بن علقمة بن ماحث بن عموصا بن عزريا‏.‏ ‏
قال مقاتل‏:‏ وهو من ورثة هارون‏.‏
وقال مجاهد‏:‏ هو أشمويل بن هلفاقا، ولم يرفع في نسبه أكثر من هذا، فالله أعلم‏.‏
حكى السدي بإسناده عن ابن عباس، وابن مسعود، وأناس من الصحابة، والثعلبي وغيرهم‏:‏ أنه لما غلبت العمالقة من أرض غزة وعسقلان على بني إسرائيل، وقتلوا منهم خلقاً كثيراً، وسبوا من أبنائهم جمعاً كثيراً، وانقطعت النبوة من سبط لاوي، ولم يبق فيهم إلا امرأة حبلى، فجعلت تدعو الله عز وجل أن يرزقها ولداً ذكراً، فولدت غلاماً فسمته أشمويل، ومعناه بالعبرانية إسماعيل، أي سمع الله دعائي‏.‏

فلما ترعرع بعثته إلى المسجد وأسلمته عند رجل صالح فيه، يكون عنده ليتعلم من خيره وعبادته، فكان عنده فلما بلغ أشده بينما هو ذات ليلة نائم إذا صوت يأتيه من ناحية المسجد، فانتبه مذعوراً، فظنه الشيخ يدعوه فسأله‏:‏ أدعوتني‏؟‏ فكره أن يفزعه‏.‏
فقال نعم‏.‏ نم، فنام‏.‏
ثم ناداه الثانية فكذلك، ثم الثالثة، فإذا جبريل يدعوه فجاءه فقال‏:‏ إن ربك قد بعثك إلى قومك، فكان من أمره معهم ما قص الله في كتابه، قال الله تعالى في كتابه العزيز‏:‏
‏{‏أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَأِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ * وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ * وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 246-251‏]‏‏.‏
قال أكثر المفسرين‏:‏ كان نبي هؤلاء القوم المذكورين في هذه القصة هو شمويل‏.‏
وقيل‏:‏ شمعون‏.‏
وقيل‏:‏ هما واحد‏.‏
وقيل‏:‏ يوشع، وهذا بعيد لما ذكره الإمام أبو جعفر بن جرير في تاريخه أن بين موت يوشع وبعثة شمويل أربعمائة سنة وستين سنة، فالله أعلم‏.‏ والمقصود أن هؤلاء القوم لما أنهكتهم الحروب، وقهرهم الأعداء، سألوا نبي الله في ذلك الزمان وطلبوا منه أن ينصب لهم ملكاً يكونون تحت طاعته، ليقاتلوا من ورائه ومعه وبين يديه الأعداء، فقال لهم‏:‏ ‏{‏هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ‏}‏‏.‏أي‏:‏ وأي شيء يمنعنا من القتال ‏{‏وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا‏}‏ يقولون‏:‏ نحن محروبون موتورون، فحقيق لنا أن نقاتل عن أبنائنا المنهورين المستضعفين فيهم المأسورين في قبضتهم‏.‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ‏}‏ كما ذكر في آخر القصة أنه لم يجاوز النهر مع الملك إلا القليل، والباقون رجعوا ونكلوا عن القتال ‏{‏وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً‏}‏ قال الثعلبي‏:‏ وهو طالوت بن قيش بن أفيل بن صارو بن تحورت بن أفيح بن أنيس بن بنيامين بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل‏.‏ قال عكرمة والسدي‏:‏ كان سقاءاً‏.‏ وقال وهب بن منبه‏:‏ كان دباغاً‏.‏ وقيل غير ذلك فالله أعلم‏.‏ ولهذا‏:‏ ‏{‏قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ‏}‏ وقد ذكروا أن النبوة كانت في سبط لاوى، وأن الملك كان في سبط يهوذا، فلما كان هذا من سبط بنيامين نفروا منه وطعنوا في إمارته عليهم، وقالوا نحن أحق بالملك منه‏.‏ وقد ذكروا أنه فقير لا سعة من المال معه، فكيف يكون مثل هذا ملكاً‏؟‏ {‏قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ‏}‏ قيل‏:‏ كان الله قد أوحى إلى شمويل أن أيّ بني إسرائيل كان طوله على طول هذه العصا، وإذا حضر عندك يفور هذا القرن الذي فيه من دهن القدس، فهو ملكهم، فجعلوا يدخلون ويقيسون أنفسهم بتلك العصا، فلم يكن أحد منهم على طولها سوى طالوت‏.‏ ولما حضر عند شمويل فار ذلك القرن، فدهنه منه وعينه الملك عليهم، وقال لهم‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ‏}‏ قيل‏:‏ في أمر الحروب، وقيل‏:‏ بل مطلقاً، ‏{‏وَالْجِسْمِ‏}‏ قيل‏:‏ الطول، وقيل‏:‏ الجمال‏.‏ والظاهر من السياق أنه كان أجملهم وأعلمهم بعد نبيهم عليه السلام ‏{‏وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ‏}‏ فله الحكم وله الخلق والأمر ‏{‏وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ‏}‏‏.‏
‏{‏وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ‏}‏ وهذا أيضا من بركة ولاية هذا الرجل الصالح عليهم ويمنه عليهم، أن يرد الله عليهم التابوت الذي كان سلب منهم، وقهرهم الأعداء عليه، وقد كانوا ينصرون على أعدائهم بسببه
‏{‏فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ‏}‏ قيل‏:‏ طشت من ذهب كان يغسل فيه صدور الأنبياء‏.‏
وقيل‏:‏ السكينة مثل الريح الحجوج‏.‏
وقيل‏:‏ صورتها مثل الهرة إذا صرخت في حال الحرب أيقن بنو إسرائيل بالنصر‏.‏
{‏وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ‏}‏ قيل‏:‏ كان فيه رضاض الألواح وشيء من المن الذي كان نزل عليهم بالتيه‏.‏{‏تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ‏}‏ أي‏:‏ تأتيكم به الملائكة يحملونه، وأنتم ترون ذلك عياناً، ليكون آية لله عليكم وحجة باهرة على صدق ما أقوله لكم وعلى صحة ولاية هذا الملك الصالح عليكم ولهذا قال‏:‏ ‏{‏إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ‏}‏ وقيل‏:‏ إنه لما غلب العمالقة على هذا التابوت، وكان فيه ما ذكر من السكينة والبقية المباركة‏.‏ وقيل‏:‏ كان فيه التوراة أيضاً، فلما استقر في أيديهم وضعوه تحت صنم لهم بأرضهم، فلما أصبحوا إذا التابوت على رأس الصنم فوضعوه تحته، فلما كان اليوم الثاني إذا التابوت فوق الصنم، فلما تكرر هذا علموا أن هذا أمر من الله تعالى، فأخرجوه من بلدهم، وجعلوه في قرية من قراهم، فأخذهم داء في رقابهم، فلما طال عليهم هذا جعلوه في عجلة، وربطوها في بقرتين وأرسلوهما‏.‏
فيقال‏:‏ إن الملائكة ساقتهما حتى جاءوا بهما ملأ بني إسرائيل وهم ينظرون كما أخبرهم نبيهم بذلك، فالله أعلم على أي صفة جاءت به الملائكة، والظاهر أن الملائكة كانت تحمله بأنفسهم كما هو المفهوم بالجنود من الآية، والله أعلم‏.‏ وإن كان الأول قد ذكره كثير من المفسرين أو أكثرهم ‏{‏فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ‏}‏‏.‏
قال ابن عباس، وكثير من المفسرين‏:‏ هذا النهر هو نهر الأردن، وهو المسمى بالشريعة، فكان من أمر طالوت بجنوده عند هذا النهر عن أمر نبي الله له، عن أمر الله له اختباراً وامتحاناً، أن من شرب من هذا النهر فلا يصحبني في هذه الغزوة، ولا يصحبني إلا من لم يطعمه إلا غرفة في يده‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ‏}‏ ‏. قال السدي‏:‏ كان الجيش ثمانين ألفاً، فشرب منه ستة وسبعون ألفاً، فبقي معه أربعة آلاف‏.‏ كذا قال‏.‏ وقد روى البخاري في صحيحه من حديث إسرائيل، وزهير، والثوري، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب قال‏:‏ كنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم نتحدث أن عدة أصحاب بدر على عدة أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر، ولم يجاوز معه إلا بضعة عشر وثلاثمائة مؤمن‏.‏
وقول السدي‏:‏ إن عدة الجيش كانوا ثمانين ألفاً فيه نظر، لأن أرض بيت المقدس لا تحتمل أن يجتمع فيها جيش مقاتلة يبلغون ثمانين ألفاً، والله أعلم‏.‏
قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ‏}‏ أي‏:‏ استقلوا أنفسهم واستضعفوها عن مقاومة أعدائهم بالنسبة إلى قلتهم وكثرة عدد عدوهم‏.‏
‏{‏قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ‏}‏ يعني‏:‏ بها الفرسان منهم‏.‏ والفرسان‏:‏ أهل الإيمان والإيقان الصابرون على الجلاد والجدال والطعان‏.‏
‏{‏وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ‏}‏ طلبوا من الله أن يفرغ عليهم الصبر، أي يغمرهم به من فوقهم فتستقر قلوبهم ولا تقلق، وأن يثبت أقدامهم في مجال الحرب ومعترك الأبطال، وحومة الوغى والدعاء إلى النزال، فسألوا التثبت الظاهر والباطن، وأن ينزل عليهم النصر على أعدائهم، وأعدائه من الكافرين الجاحدين بآياته وآلائه، فأجابهم العظيم القدير السميع البصير الحكيم الخبير إلى ما سألوا، وأنالهم ما إليه فيه رغبوا‏.‏
ولهذا قال‏:‏ ‏{‏فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ‏}‏ أي‏:‏ بحول الله لا بحولهم، وبقوة الله ونصره لا بقوتهم وعددهم، مع كثرة أعدائهم وكمال عددهم، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ‏}‏‏[‏آل عمران‏:‏ 123‏]‏‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ‏}‏ فيه دلالة على شجاعة داود عليه السلام، وأنه قتله قتلاً أذل به جنده وكسره، ولا أعظم من غزوة يقتل فيها ملك عدوه فيغنم بسبب ذلك الأموال الجزيلة، ويأسر الأبطال والشجعان والأقران وتعلو كلمة الإيمان على الأوثان، ويدال لأولياء الله على أعدائه، ويظهر الدين الحق على الباطل وأوليائه‏.‏ وقد ذكر السدي فيما يرويه‏:‏ أن داود عليه السلام كان أصغر أولاد أبيه، وكانوا ثلاثة عشر ذكراً، كان سمع طالوت ملك بني إسرائيل وهو يحرض بني إسرائيل على قتل جالوت وجنوده، وهو يقول‏:‏ من قتل جالوت زوجته بابنتي، وأشركته في ملكي‏.‏ وكان داود عليه السلام يرمي بالقذافة - وهو المقلاع - رمياً عظيماً، فبينا هو سائر مع بني إسرائيل إذ ناداه حجر‏:‏ أن خذني فإن بي تقتل جالوت، فأخذه ثم حجر آخر كذلك، ثم آخر كذلك، فأخذ الثلاثة في مخلاته‏.‏فلما تواجه الصفان برز جالوت ودعا إلى نفسه، فتقدم إليه داود فقال له‏:‏ ارجع فإني أكره قتلك، فقال‏:‏ لكني أحب قتلك، وأخذ تلك الأحجار الثلاثة فوضعها في القذافة، ثم أدارها فصارت الثلاثة حجراً واحداً، ثم رمى بها جالوت ففلق رأسه، وفر جيشه منهزماً‏.‏ فوفى له طالوت بما وعده فزوجه ابنته، وأجرى حكمه في ملكه، وعظم داود عليه السلام عند بني إسرائيل، وأحبوه ومالوا إليه أكثر من طالوت، فذكروا أن طالوت حسده وأراد قتله، واحتال على ذلك فلم يصل إليه، وجعل العلماء ينهون طالوت عن قتل داود فتسلط عليهم فقتلهم، حتى لم يبق منهم إلا القليل‏.‏
ثم حصل له توبة وندم وإقلاع عما سلف منه، وجعل يكثر من البكاء، ويخرج إلى الجبانة فيبكي حتى يبل الثرى بدموعه، فنودي ذات يوم من الجبانة‏:‏ أن يا طالوت قتلتنا ونحن أحياء، وآذيتنا ونحن أموات، فازداد لذلك بكاؤه وخوفه واشتد وجله، ثم جعل يسأل عن عالم يسأله عن أمره، وهل له من توبة، فقيل له‏:‏ وهل أبقيت عالماً‏؟‏
حتى دل على امرأة من العابدات، فأخذته فذهبت به إلى قبر يوشع عليه السلام‏.‏
قالوا‏:‏ فدعت الله فقام يوشع من قبره فقال‏:‏ أقامت القيامة‏؟‏ فقالت‏:‏ لا ولكن هذا طالوت يسألك هل له من توبة‏؟‏
فقال‏:‏ نعم، ينخلع من الملك ويذهب فيقاتل في سبيل الله حتى يقتل، ثم عاد ميتاً‏.‏
فترك الملك لداود عليه السلام، وذهب ومعه ثلاثة عشر من أولاده فقاتلوا في سبيل الله حتى قتلوا، قالوا فذلك قوله‏:‏ ‏{‏وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ‏}‏ هكذا ذكره ابن جرير في تاريخه من طريق السدي بإسناده‏.‏ وفي بعض هذا نظر ونكارة، والله أعلم‏.‏
وقال محمد بن إسحاق‏:‏ النبي الذي بعث فأخبر طالوت بتوبته هو اليسع بن أخطوب، حكاه ابن جرير أيضاً‏.‏
وذكر الثعلبي‏:‏ أنها أتت به إلى قبر أشمويل، فعاتبه على ما صنع بعده من الأمور وهذا أنسب‏.‏ ولعله إنما رآه في النوم لا أنه قام من القبر حياً، فإن هذا إنما يكون معجزة لنبي، وتلك المرأة لم تكن نبية، والله أعلم‏.‏ وزعم أهل التوراة أن مدة ملك طالوت إلى أن قتل مع أولاده أربعون سنة، فالله أعلم‏.‏ ‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مسافر بلا عنوان
عضوممتاز
عضوممتاز
مسافر بلا عنوان


عدد المساهمات : 577
تاريخ التسجيل : 01/07/2009
ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Flag

ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ركن التاريخ الاسلامى   ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Emptyالخميس سبتمبر 10, 2009 11:45 am

قصة داود وما كان في أيامه وذكر فضائله وشمائله ودلائل نبوته وإعلامه

هو داود بن ايشا بن عويد بن عابر بن سلمون بن نحشون بن عويناذب بن ارم بن حصرون بن فارص بن يهوذا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عبد الله ونبيه، وخليفته في أرض بيت المقدس‏.‏

قال محمد بن إسحاق عن بعض أهل العلم، عن وهب بن منبه‏:‏ كان داود عليه السلام قصيراً، أزرق العينين، قليل الشعر، طاهر القلب ونقيه‏.‏ تقدم أنه لما قتل جالوت، وكان قتله له فيما ذكر ابن عساكر عند قصر أم حكيم بقرب مرج الصفر، فأحبته بنو إسرائيل ومالوا إليه وإلى ملكه عليهم، فكان من أمر طالوت ما كان وصار الملك إلى داود عليه السلام، وجمع الله له بين الملك والنبوة بين خير الدنيا والآخرة، وكان الملك يكون في سبط، والنبوة في آخر، فاجتمع في داود هذا وهذا‏.‏

كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ‏}‏ أي‏:‏ لولا إقامة الملوك حكاما على الناس، لأكل قوي الناس ضعيفهم، ولهذا جاء في بعض الآثار‏:‏

السلطان ظل الله في أرضه‏.‏

وقال أمير المؤمنين عثمان بن عفان‏:‏ إن الله ليزغ بالسلطان ما لا يزغ بالقرآن

وقد ذكر ابن جرير في تاريخه أن جالوت لما بارز طالوت فقال له‏:‏ اخرج إلي وأخرج إليك، فندب طالوت الناس فانتدب داود فقتل جالوت‏.‏

قال وهب بن منبه‏:‏ فمال الناس إلى داود، حتى لم يكن لطالوت ذكر، وخلعوا طالوت وولوا عليهم داود‏.‏ وقيل‏:‏ إن ذلك كان عن أمر شمويل حتى قال بعضهم أنه ولاه قبل الوقعة‏.‏

قال ابن جرير، والذي عليه الجمهور‏:‏ أنه إنما ولي ذلك بعد قتل جالوت، والله أعلم‏.‏ ‏

وروى ابن عساكر، عن سعيد بن عبد العزيز‏:‏ أن قتله جالوت كان عند قصر أم حكيم، وأن النهر الذي هناك هو المذكور في الآية، فالله أعلم‏.‏

وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ‏}‏ ‏[‏سبأ‏:‏ 10-11‏]‏‏.‏

وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏.‏‏.‏‏.‏ وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ * وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ‏}‏ ‏[‏الأنبياء‏:‏ 79‏]‏ أعانه الله على عمل الدروع من الحديد ليحصن المقاتلة من الأعداء، وأرشده إلى صنعتها وكيفيتها فقال‏:‏ ‏{‏وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ‏}‏ أي‏:‏ لا تدق المسمار فيفلق، ولا تغلظه فيفصم، قاله مجاهد، وقتادة، والحكم، وعكرمة‏.‏

قال الحسن البصري، وقتادة، والأعمش‏:‏ كان الله قد ألان له الحديد حتى كان يفتله بيده، لا يحتاج إلى نار ولا مطرقة‏.‏

قال قتادة‏:‏ فكان أول من عمل الدروع من زرد، وإنما كانت قبل ذلك من صفائح‏.‏

قال ابن شوذب‏:‏ كان يعمل كل يوم درعاً يبيعها بستة آلاف درهم، وقد ثبت في الحديث‏:‏

‏(‏‏(‏أن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وأن نبي الله داود كان يأكل من كسب يده‏)‏‏)‏‏.‏

وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ * إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ * وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ * وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ‏}‏ ‏[‏ص‏:‏ 17-20‏]‏‏.‏

قال ابن عباس، ومجاهد‏:‏ الأيد‏:‏ القوة في الطاعة، يعني‏:‏ ذا قوة في العبادة والعمل الصالح‏.‏

قال قتادة‏:‏ أُعطي قوة في العبادة، وفقهاً في الإسلام‏.‏

قال‏:‏ وقد ذكر لنا أنه كان يقوم الليل، ويصوم نصف الدهر‏.‏

وقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏

‏(‏‏(‏أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام إلى الله صيام داود‏:‏ كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه، وكان يصوم يوماً، ويفطر يوماً، ولا يفر إذا لاقى‏)‏‏)‏‏.‏

وقوله‏:‏ ‏{‏إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ * وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ‏}‏ ‏[‏ص‏:‏ 18-19‏]‏‏.‏

كما قال‏:‏ ‏{‏يا جبال أوبي معه والطير‏}‏ ‏[‏سبأ‏:‏ 10‏]‏ أي‏:‏ سبحي معه‏.‏ قاله ابن عباس، ومجاهد، وغير واحد في تفسير هذه الآية‏.‏

‏{‏إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ‏}‏ أي‏:‏ عند آخر النهار وأوله‏.‏ وذلك أنه كان الله تعالى قد وهبه من الصوت العظيم ما لم يعطه أحداً، بحيث أنه كان إذا ترنم بقراءة كتابه يقف الطير في الهواء، يُرجع بترجيعه، ويسبح بتسبيحه، وكذلك الجبال تجيبه وتسبح معه، كلما سبح بكرة وعشياً صلوات الله وسلامه عليه‏.‏ ‏
وقال الأوزاعي‏:‏ حدثني عبد الله بن عامر قال‏:‏ أعطي داود من حُسن الصوت ما لم يعط أحد قط، حتى أن كان الطير والوحش ينعكف حوله، حتى يموت عطشاً وجوعاً، وحتى إن الأنهار لتقف‏.‏

وقال وهب بن منبه‏:‏ كان لا يسمعه أحد إلا حجل كهيئة الرقص، وكان يقرأ الزبور بصوت لم تسمع الآذان بمثله، فيعكف الجن، والإنس، والطير، والدواب على صوته، حتى يهلك بعضها جوعاً‏.‏

وقال أبو عوانة الإسفراييني‏:‏ حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدثنا محمد بن منصور الطوسي، سمعت صبيحاً أبا تراب رحمه الله، قال أبو عوانة‏:‏ وحدثني أبو العباس المدني، حدثنا محمد بن صالح العدوي، حدثنا سيار - هو ابن حاتم - عن جعفر، عن مالك قال‏:‏ كان داود عليه السلام إذا أخذ في قراءة الزبور تفتقت العذارى‏.‏ وهذا غريب‏.‏

وقال عبد الرزاق عن ابن جريج‏:‏ سألت عطاء عن القراءة على الغناء فقال‏:‏ وما بأس بذلك‏؟‏ سمعت عبيد بن عمر يقول‏:‏ كان داود عليه السلام يأخذ المعزفة فيضرب بها، فيقرأ عليها، فترد عليه صوته، يريد بذلك أن يبكي وتبكي‏.‏

وقال الإمام أحمد‏:‏ حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت‏:‏ سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوت أبي موسى الأشعري وهو يقرأ فقال‏:‏ ‏(‏‏(‏لقد أوتي أبو موسى من مزامير آل داود‏)‏‏)‏‏.‏

وهذا على شرط الشيخين، ولم يخرجاه من هذا الوجه‏.‏

وقال أحمد‏:‏ حدثنا حسن، حدثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن عمر، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏

‏(‏‏(‏لقد أعطى أبو موسى من مزامير داود‏)‏‏)‏‏.‏

على شرط مسلم‏.‏ وقد روينا عن أبي عثمان الترمذي أنه قال‏:‏ لقد سمعت البربط والمزمار، فما سمعت صوتاً أحسن من صوت أبي موسى الأشعري‏.‏ وقد كان مع هذا الصوت الرخيم، سريع القراءة لكتابه الزبور كما قال الإمام أحمد‏:‏ حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن همام، عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏(‏‏(‏خفف على داود القراءة، فكان يأمر بدابته فتسرج، فكان يقرأ القرآن من قبل أن تسرج دابته، وكان لا يأكل إلا من عمل يديه‏)‏‏)‏‏.‏

وكذلك رواه البخاري منفرداً به عن عبد الله بن محمد بن عبد الرزاق به، ولفظه‏:‏

‏(‏‏(‏خفف على داود القرآن، فكان يأمر بدوابه فتسرج، فيقرأ القرآن قبل أن تسرج دوابه، ولا يأكل إلا من عمل يديه‏)‏‏)‏‏.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مسافر بلا عنوان
عضوممتاز
عضوممتاز
مسافر بلا عنوان


عدد المساهمات : 577
تاريخ التسجيل : 01/07/2009
ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Flag

ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ركن التاريخ الاسلامى   ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Emptyالخميس سبتمبر 10, 2009 11:53 am

ثم قال البخاري‏:‏ ورواه موسى بن عقبة، عن صفوان - هو ابن سليم - عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ وقد أسنده ابن عساكر في ترجمة داود عليه السلام في ‏(‏تاريخه‏)‏، من طرق‏:‏ عن إبراهيم بن طهمان، عن موسى بن عقبة، ومن طريق أبي عاصم عن أبي بكر السبري، عن صفوان بن سليم به‏.‏

والمراد بالقرآن ههنا الزبور‏:‏ الذي أنزله عليه، وأوحاه إليه، وذكر رواية أشبه أن يكون محفوظاً، فإنه كان ملكاً له أتباع، فكان يقرأ الزبور بمقدار ما تسرج الدواب، وهذا أمر سريع مع التدبر والترنم والتغني به على وجه التخشع، صلوات الله وسلامه عليه‏.‏

وقد قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُوراً‏}‏ ‏[‏الإسراء‏:‏ 55‏]‏، والزبور‏:‏ كتاب مشهور، وذكرنا في التفسير، الحديث الذي رواه أحمد وغيره، أنه أنزل في شهر رمضان، وفيه من المواعظ والحكم ما هو معروف لمن نظر فيه‏.‏

وقوله‏:‏ ‏{‏وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ‏}‏ ‏[‏ص‏:‏ 20‏]‏ أي‏:‏ أعطيناه ملكاً عظيماً، وحكماً نافذاً‏.‏

روى ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس‏:‏ أن رجلين تداعيا إلى داود عليه السلام في بقر‏:‏ ادعى أحدهما على الآخر أنه اغتصبها منه، فأنكر المدعى عليه، فأرجأ أمرهما إلى الليل، فلما كان الليل أوحى الله إليه أن يقتل المدعي، فلما أصبح قال له داود‏:‏ إن الله قد أوحى إلي أن أقتلك، فأنا قاتلك لا محالة، فما خبرك فيما ادعيته على هذا‏؟‏

قال‏:‏ والله يا نبي الله إني لمحق فيما ادعيت عليه، ولكني كنت اغتلت أباه قبل هذا، فأمر به داود فقتل، فعظم أمر داود في بني إسرائيل جداً وخضعوا له خضوعاً عظيماً‏.‏

قال ابن عباس‏:‏ وهو قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ‏}‏

وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ‏}‏ أي‏:‏ النبوة‏.‏

‏{‏وَفَصْلَ الْخِطَابِ‏}‏ قال شريح، والشعبي، وقتادة، وأبو عبد الرحمن السلمي، وغيرهم‏:‏ فصل الخطاب‏:‏ الشهود والأيمان، يعنون بذلك البينة على المدعي، واليمين على من أنكر‏.‏

وقال مجاهد والسدي‏:‏ هو إصابة القضاء وفهمه‏.‏

وقال مجاهد‏:‏ هو الفصل في الكلام، وفي الحكم، واختاره ابن جرير، وهذا لا ينافي ما روى عن أبي موسى أنه قول أما بعد‏.‏

وقال وهب بن منبه‏:‏ لما كثر الشر وشهادات الزور في بني إسرائيل، أعطي داود سلسلة لفصل القضاء، فكانت ممدودة من السماء إلى صخرة بيت المقدس، وكانت من ذهب، فإذا تشاجر الرجلان في حق، فأيهما كان محقاً نالها، والآخر لا يصل إليها، فلم تزل كذلك حتى أودع رجل رجلاً لؤلؤة فجحدها منه، واتخذ عكازاً وأودعها فيه‏.‏ ‏فلما حضرا عند الصخرة تناولها المدعي، فلما قيل للآخر‏:‏ خذها بيدك، عمد إلى العكاز، فأعطاه المدعى وفيه تلك اللؤلؤة، وقال‏:‏ اللهم إنك تعلم أني دفعتها إليه، ثم تناول السلسلة فنالها، فأشكل أمرها على بني إسرائيل، ثم رفعت سريعاً من بينهم‏.‏ ذكره بمعناه غير واحد من المفسرين، وقد رواه إسحاق بن بشر عن إدريس بن سنان، عن وهب به بمعناه‏.‏

‏{‏وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ * إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ * قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ * فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ‏}‏ ‏[‏ص‏:‏ 21-25‏]‏‏.‏

وقد ذكر كثير من المفسرين من السلف والخلف ههنا، قصصاً وأخبارا أكثرها إسرائيليات، ومنها ما هو مكذوب لا محالة، تركنا إيرادها في كتابنا قصداً اكتفاء واقتصاراً على مجرد تلاوة القصة من القرآن العظيم، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم‏.‏

وقد اختلف الأئمة في سجدة ‏(‏ص‏)‏ هل هي من عزائم السجود، أو إنما هي سجدة شكر ليست من عزائم السجود على قولين‏:‏

قال البخاري‏:‏ حدثنا محمد بن عبد الله، حدثنا محمد بن عبيد الطنافسي، عن العوام قال‏:‏ سألت مجاهداً عن سجدة ‏(‏ص‏)‏ فقال‏:‏ سألت ابن عباس من أين سجدت‏؟‏

قال‏:‏ أو ما تقرأ‏:‏ ‏{‏وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ‏}‏ ‏{‏أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ‏}‏ فكان داود ممن أمر نبيكم صلى الله عليه وسلم أن يقتدي به، فسجدها داود عليه السلام، فسجدها رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

وقد قال الإمام أحمد‏:‏ حدثنا إسماعيل - هو ابن علية - عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه قال‏:‏ في السجود في ‏(‏ص‏)‏ ليست من عزائم السجود، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها‏.‏

وكذا رواه البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي من حديث أيوب، وقال الترمذي‏:‏ حسن صحيح‏.‏

وقال النسائي‏:‏ أخبرني إبراهيم بن الحسن المقسمي، حدثنا حجاج بن محمد، عن عمر بن ذر، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في ‏(‏ص‏)‏ وقال‏:‏

‏(‏‏(‏سجدها داود توبة، ونسجدها شكراً‏)‏‏)‏‏.‏

تفرد به أحمد، ورجاله ثقات‏.‏ وقال أبو داود‏:‏ حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، عن عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح، عن أبي سعيد الخدري قال‏:‏

قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر ‏(‏ص‏)‏ فلما بلغ السجدة، نزل فسجد، وسجد معه الناس، فلما كان يوم آخر قرأها، فلما بلغ السجدة تشزَّن الناس للسجود، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏(‏‏(‏إنما هي توبة نبي، ولكن رأيتكم تشزنتم للسجود‏)‏‏)‏‏.‏ فنزل وسجد‏.‏

تفرد به أبو داود، وإسناده على شرط الصحيح‏.‏وقال الإمام أحمد‏:‏ حدثنا عفان، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا حميد، حدثنا بكر - هو ابن عمر - وأبو الصديق الناجي أنه أخبره أن أبا سعيد الخدري رأى رؤيا أنه يكتب ص، فلما بلغ إلى التي يسجد بها، رأى الدواة والقلم وكل شيء بحضرته انقلب ساجداً، قال فقصها على النبي صلى الله عليه وسلم فلم يزل يسجد بها بعد‏.‏ تفرد به أحمد‏.‏

وروى الترمذي، وابن ماجه من حديث محمد بن يزيد بن خنيس، عن الحسن بن محمد بن، عبيد الله بن أبي يزيد قال‏:‏ قال لي ابن جريج‏:‏ حدثني جدك عبيد الله بن أبي يزيد، عن ابن عباس قال‏:‏ جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ يا رسول الله إني رأيت فيما يرى النائم كأني أصلي خلف شجرة، فقرأت السجدة فسجدت الشجرة بسجودي، فسمعتها تقول وهي ساجدة‏:‏

اللهم اكتب لي بها عندك أجراً، واجعلها لي عندك ذخراً، وضع عني بها وزراً، واقبلها مني كما قبلت من عبدك داود‏.‏

وقال ابن عباس‏:‏ فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم قام فقرأ السجدة ثم سجد، فسمعته يقول وهو ساجد كما حكى الرجل عن كلام الشجرة‏.‏

ثم قال الترمذي غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه‏.‏

وقد ذكر بعض المفسرين أنه عليه السلام مكث ساجداً أربعين يوماً وقاله مجاهد، والحسن، وغيرهما‏.‏

وورد في ذلك حديث مرفوع لكنه من رواية يزيد الرقاشي، وهو ضعيف متروك الرواية‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مسافر بلا عنوان
عضوممتاز
عضوممتاز
مسافر بلا عنوان


عدد المساهمات : 577
تاريخ التسجيل : 01/07/2009
ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Flag

ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ركن التاريخ الاسلامى   ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Emptyالخميس سبتمبر 10, 2009 11:55 am

قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ‏}‏ أي‏:‏ إن له يوم القيامة لزلفى، وهي القربة التي يقربه الله بها، ويدنيه من حظيرة قدسه بسببها، كما ثبت في حديث

‏(‏‏(‏المقسطون على منابر من نور عن يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين الذين يقسطون في أهليهم وحكمهم وما ولوا‏)‏‏)‏‏.‏

وقال الإمام أحمد في مسنده‏:‏ حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا فضيل، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏(‏‏(‏إن أحب الناس إلى الله يوم القيامة وأقربهم منه مجلساً إمام عادل، وإن أبغض الناس إلى الله يوم القيامة وأشدهم عذاباً إمام جائر‏)‏‏)‏‏.‏

وهكذا رواه الترمذي من حديث فضيل بن مرزوق الأغر به، وقال‏:‏ لا نعرفه مرفوعاً إلا من هذا الوجه‏.‏

وقال ابن أبي حاتم‏:‏ حدثنا أبو زرعة، حدثنا عبد الله بن أبي زياد، حدثنا سيار، حدثنا جعفر بن سليمان، سمعت مالك بن دينار في قوله‏:‏ ‏{‏وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ‏}‏ قال‏:‏ يقوم داود عليه السلام يوم القيامة عند ساق العرش، فيقول الله‏:‏ يا داود مجدني اليوم بذلك الصوت الحسن الرخيم، الذي كنت تمجدني في الدنيا، فيقول‏:‏ وكيف وقد سلبته‏؟‏

فيقول‏:‏ إني أرده عليك اليوم‏.‏

قال‏:‏ فيرفع داود بصوت يستفرغ نعيم أهل الجنان‏.قال تعالى‏:‏ ‏{‏يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ‏}‏ ‏[‏ص‏:‏ 26‏]‏ هذا خطاب من الله تعالى مع داود، والمراد ولاة الأمور، وحكام الناس، وأمرهم بالعدل، واتباع الحق المنزل من الله لا ما سواه من الآراء والأهواء، وتوعد من سلك غير ذلك، وحكم بغير ذلك‏.‏

وقد كان داود عليه السلام هو المقتدى به في ذلك الوقت في العدل، وكثرة العبادة، وأنواع القربات، حتى إنه كان لا يمضي ساعة من آناء الليل وأطراف النهار إلا وأهل بيته في عبادة ليلاً ونهاراً كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ‏}‏ ‏[‏سبأ‏:‏ 13‏]‏‏.‏

قال أبو بكر بن أبي الدنيا‏:‏ حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن بسام، حدثنا صالح المزي، عن أبي عمران الجوني، عن أبي الجلد قال‏:‏ قرأت في مسألة داود عليه السلام أنه قال‏:‏ يا رب كيف لي أن أشكرك، وأنا لا أصل إلى شكرك إلا بنعمتك، قال‏:‏ فأتاه الوحي أن يا داود‏:‏ ألست تعلم أن الذي بك من النعم مني‏؟‏

قال‏:‏ بلى يا رب‏.‏

قال‏:‏ فإني أرضى بذلك منك‏.‏

وقال البيهقي‏:‏ أنبأنا أبو عبد الله الحافظ، أنبأنا أبو بكر بن بالويه، حدثنا محمد بن يونس القرشي، حدثنا روح بن عبادة، حدثني عبد الله بن لاحق، عن ابن شهاب قال‏:‏ قال داود‏:‏ الحمد لله كما ينبغي لكرم وجهه، وعز جلاله، فأوحى الله إليه إنك أتعبت الحفظة يا داود‏.‏

ورواه أبو بكر بن أبي الدنيا، عن علي بن الجعد، عن الثوري مثله‏.‏

وقال عبد الله بن المبارك في كتاب ‏(‏الزهد‏)‏ أنبأنا سفيان الثوري، عن رجل، عن وهب بن منبه قال‏:‏ إن في حكمة آل داود حق على العاقل أن لا يغفل عن أربع ساعات‏:‏

ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يفضي فيها إلى إخوانه الذين يخبرونه بعيوبه، ويصدقونه عن نفسه، وساعة يخلي بين نفسه وبين لذاتها فيما يحل ويجمل، فإن هذه الساعة عون على هذه الساعات، وإجمام للقلوب، وحق على العاقل‏:‏

أن يعرف زمانه، ويحفظ لسانه، ويقبل على شأنه، وحق على العاقل أن لا يظعن إلا في إحدى ثلاث‏:‏ زاد لمعاده، ومرمة لمعاشه، ولذة في غير محرم‏.‏

وقد رواه أبو بكر بن أبي الدنيا، عن أبي بكر بن أبي خيثمة، عن ابن مهدي، عن سفيان، عن أبي الأغر، عن وهب بن منبه فذكره‏.‏

ورواه أيضاً عن علي بن الجعد، عن عمر بن الهيثم الرقاشي، عن أبي الأغر، عن وهب بن منبه فذكره‏.‏ وأبو الأغر هذا هو الذي أبهمه ابن المبارك في روايته، قاله ابن عساكر‏.‏

وقال عبد الرزاق‏:‏ أنبأنا بشر بن رافع، حدثنا شيخ من أهل صنعاء يقال له‏:‏ أبو عبد الله قال‏:‏ سمعت وهب بن منبه فذكر مثله‏.‏

وقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة داود عليه السلام أشياء كثيرة مليحة منها‏:‏ قوله‏:‏ كن لليتيم كالأب الرحيم، واعلم أنك كما تزرع كذلك تحصد‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 2/19‏)‏

وروي بسند غريب مرفوعاً، قال داود‏:‏ يا زارع السيئات أنت تحصد شوكها وحسكها، وعن داود عليه السلام أنه قال‏:‏ مثل الخطيب الأحمق في نادي القوم، كمثل المغني عند رأس الميت‏.‏ وقال أيضاً‏:‏ ما أقبح الفقر بعد الغنى، وأقبح من ذلك الضلالة بعد الهدى‏.‏

وقال‏:‏ انظر ما تكره أن يذكر عنك في نادي القوم فلا تفعله إذا خلوت‏.‏

وقال‏:‏ لا تعدن أخاك بما لا تنجزه له، فإن ذلك عداوة ما بينك وبينه‏.‏

وقال محمد بن سعد‏:‏ أنبأنا محمد بن عمر الواقدي، حدثني هشام بن سعد، عن عمر مولى عفرة قال‏:‏ قالت يهود لما رأت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتزوج النساء‏:‏ انظروا إلى هذا الذي لا يشبع من الطعام، ولا والله ما له همة إلا إلى النساء، حسدوه لكثرة نسائه وعابوه بذلك، فقالوا‏:‏

لو كان نبياً ما رغب في النساء، وكان أشدهم في ذلك حيي بن أخطب، فأكذبهم الله وأخبرهم بفضل الله وسعته على نبيه صلوات الله عليه وسلامه، فقال‏:‏ ‏{‏أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 54‏]‏ يعني بالناس رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ ‏{‏‏.‏‏.‏‏.‏ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً‏}‏ يعني‏:‏ ما أتى الله سليمان بن داود كانت له ألف امرأة، سبعمائة مهرية، وثلاثمائة سرية، وكانت لداود عليه السلام مائة امرأة منهن‏:‏ امرأة أوريا أم سليمان بن داود، التي تزوجها بعد الفتنة‏.‏ هذا أكثر مما لمحمد صلى الله عليه وسلم‏.‏ وقد ذكر الكلبي نحو هذا، وإنه كان لداود عليه السلام مائة امرأة، ولسليمان ألف امرأة منهن ثلاثمائة سرية‏.‏

وروى الحافظ في تاريخه في ترجمة صدقة الدمشقي، الذي يروى عن ابن عباس من طريق الفرج بن فضالة الحمصي، عن أبي هريرة الحمصي، عن صدقة الدمشقي، أن رجلاً سأل ابن عباس عن الصيام فقال‏:‏ لأحدثنك بحديث كان عندي في البحث مخزوناً إن شئت أنبأتك بصوم داود، فإنه كان صواماً قواماً، وكان شجاعاً لا يفر إذا لاقى، وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مسافر بلا عنوان
عضوممتاز
عضوممتاز
مسافر بلا عنوان


عدد المساهمات : 577
تاريخ التسجيل : 01/07/2009
ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Flag

ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ركن التاريخ الاسلامى   ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Emptyالخميس سبتمبر 10, 2009 11:56 am

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏(‏‏(‏أفضل الصيام صيام داود، وكان يقرأ الزبور بسبعين صوتا يكون فيها، وكانت له ركعة من الليل يبكي فيها نفسه، ويبكي ببكائه كل شيء، ويصرف بصوته الهموم والمحموم‏)‏‏)‏‏.‏

وإن شئت أنبأتك بصوم ابنه سليمان، فإنه كان يصوم من أول الشهر ثلاثة أيام، ومن وسطه ثلاثة أيام، ومن آخره ثلاثة أيام، يستفتح الشهر بصيام، ووسطه بصيام، ويختمه بصيام‏.‏

وإن شئت أنبأتك بصوم ابن العذراء البتول عيسى بن مريم، فإنه كان يصوم الدهر، ويأكل الشعير، ويلبس الشعر، يأكل ما وجد، ولا يسأل عما فقد، ليس له ولد يموت، ولا بيت يخرب، وكان أينما أدركه الليل صفَّ بين قدميه، وقام يصلي حتى يصبح، وكان رامياً لا يفوته صيد يريده، وكان يمر بمجالس بني إسرائيل فيقضي لهم حوائجهم‏.‏ ‏
وإن شئت أنبأتك بصوم أمه مريم بنت عمران، فإنها كانت تصوم يوماً، وتفطر يومين‏.‏

وإن شئت أنبأتك بصوم النبي العربي الأمي - محمد صلى الله عليه وسلم - فإنه كان يصوم من كل شهر ثلاثة أيام، ويقول‏:‏ ‏(‏‏(‏إن ذلك صوم الدهر‏)‏‏)‏‏.‏

وقد روى الإمام أحمد، عن أبي النصر، عن فرج بن فضالة، عن أبي هرم، عن صدقة، عن ابن عباس مرفوعاً في صوم داود‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مسافر بلا عنوان
عضوممتاز
عضوممتاز
مسافر بلا عنوان


عدد المساهمات : 577
تاريخ التسجيل : 01/07/2009
ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Flag

ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ركن التاريخ الاسلامى   ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Emptyالخميس سبتمبر 10, 2009 11:58 am

ذكر كمية حياته وكيفية وفاته عليه السلام

قد تقدم في ذكر الأحاديث الواردة في خلق آدم أن الله لما استخرج ذريته من ظهره، فرأى فيهم الأنبياء عليهم السلام، ورأى فيهم رجلاً يزهر فقال‏:‏ أي رب من هذا‏؟‏

قال‏:‏ هذا ابنك داود‏.‏

قال‏:‏ أي رب كم عمره‏؟‏

قال‏:‏ ستون عاماً‏.‏

قال‏:‏ أي رب زد في عمره‏.‏

قال‏:‏ لا إلا أن أزيده من عمرك‏.‏ وكان عمر آدم ألف عام‏.‏ فزاده أربعين عاماً‏.‏

فلما انقضى عمر آدم جاءه ملك الموت فقال‏:‏ بقي من عمري أربعون سنة، ونسي آدم ما كان وهبه لولده داود، فأتمها الله لآدم ألف سنة، ولداود مائة سنة‏.‏

رواه أحمد عن ابن عباس‏.‏ والترمذي وصححه عن أبي هريرة، وابن خزيمة، وابن حبان‏.‏

وقال الحاكم‏:‏ على شرط مسلم‏.‏ وقد تقدم ذكر طرقه وألفاظه في قصة آدم‏.‏

قال ابن جرير‏:‏ وقد زعم بعض أهل الكتاب أن عمر داود كان سبعاً وسبعين سنة، قلت‏:‏ هذا غلط مردود عليهم، قالوا‏:‏ وكان مدة ملكه أربعين سنة، وهذا قد يقبل نقله لأنه ليس عندنا ما ينافيه ولا ما يقتضيه‏.‏

وأما وفاته عليه السلام فقال الإمام أحمد في مسنده‏:‏ حدثنا قبيصة، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد بن عمرو بن أبي عمرو، عن المطلب، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏(‏‏(‏قال كان داود عليه السلام فيه غيرة شديدة، فكان إذا خرج أغلق الأبواب، فلم يدخل على أهله أحد حتى يرجع، قال فخرج ذات يوم وغلقت الدار، فأقبلت امرأته تطلع إلى الدار، فإذا رجل قائم وسط الدار، فقالت لمن في البيت‏:‏ من أين دخل هذا الرجل والدار مغلقة‏؟‏ والله لنفتضحن بداود، فجاء داود فإذا الرجل قائم في وسط الدار فقال له داود‏:‏ من أنت‏؟‏

فقال‏:‏ أنا الذي لا أهاب الملوك، ولا أمنع من الحجاب‏.‏

فقال داود‏:‏ أنت والله إذن ملك الموت، مرحباً بأمر الله، ثم مكث حتى قبضت روحه، فلما غسل وكفن وفرغ من شأنه طلعت عليه الشمس‏.‏

فقال سليمان للطير‏:‏ أظلي على داود، فأظلته الطير حتى أظلمت عليه الأرض‏.‏

فقال سليمان للطير‏:‏ اقبضي جناحاً‏.‏

قال‏:‏ قال أبو هريرة‏:‏ فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يرينا كيف فعلت الطير‏.‏

وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، وغلبت عليه يومئذ المضرحية‏)‏‏)‏‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 2/ 21‏)‏

انفرد بإخراجه الإمام أحمد، وإسناده جيد قوي، رجاله ثقات‏.‏

ومعنى قوله‏:‏ وغلبت عليه يومئذ المضرحية، أي وغلبت على التظليل عليه الصقور الطوال الأجنحة، واحدها مضرحي‏.‏ قال الجوهري‏:‏ وهو الصقر الطويل الجناح‏.‏

وقال السدي، عن أبي مالك، عن ابن عباس قال‏:‏ مات داود عليه السلام فجأة، وكان بسبت وكانت الطير تظله‏.‏

وقال السدي أيضاً عن أبي مالك، وعن سعيد بن جبير قال‏:‏ مات داود عليه السلام يوم السبت فجأة‏.‏

وقال إسحاق بن بشر، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن قال‏:‏ مات داود عليه السلام وهو ابن مائة سنة، ومات يوم الأربعاء فجأة‏.‏

وقال أبو السكن الهجري‏:‏ مات إبراهيم الخليل فجأة، وداود فجأة، وابنه سليمان فجأة، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، رواه ابن عساكر‏.‏

وروي عن بعضهم أن ملك الموت جاءه وهو نازل من محرابه، فقال له‏:‏ دعني أنزل أو أصعد، فقال‏:‏ يا نبي الله قد نفذت السنون والشهور والآثار والأرزاق، قال‏:‏ فخر ساجداً على مرقاة من تلك المراقي فقبضه وهو ساجد‏.‏

وقال إسحاق بن بشر‏:‏ أنبأنا وافر بن سليمان، عن أبي سليمان الفلسطيني، عن وهب بن منبه قال‏:‏ إن الناس حضروا جنازة داود عليه السلام، فجلسوا في الشمس في يوم صائف قال‏:‏ وكان قد شيع جنازته يومئذ أربعون ألف راهب، عليهم البرانس سوى غيرهم من الناس، ولم يمت في بني إسرائيل بعد موسى وهارون أحد، كانت بنو إسرائيل أشد جزعاً عليه منهم على داود‏.‏

قال‏:‏ فآذاهم الحر فنادوا سليمان عليه السلام أن يعمل لهم وقاية لما أصابهم من الحر، فخرج سليمان فنادى الطير فأجابت، فأمرها أن تظل الناس، فتراص بعضهم إلى بعض من كل وجه، حتى استمسكت الريح، فكاد الناس أن يهلكوا غماً، فصاحوا إلى سليمان عليه السلام من الغم‏.‏

فخرج سليمان فنادى الطير أن أظلي الناس من ناحية الشمس، وتنحي عن ناحية الريح، ففعلت فكان الناس في ظل وتهب عليهم الريح، فكان ذلك أول ما رأوه من ملك سليمان‏.‏

وقال الحافظ أبو يعلى‏:‏ حدثنا أبو همام الوليد بن شجاع، حدثني الوليد بن مسلم، عن الهيثم بن حميد
عن الوضين بن عطاء، عن نصر بن علقمة، عن جبير بن نفير، عن أبي الدرداء قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏{‏لقد قبض الله داود من بين أصحابه ما فتنوا ولا بدلوا، ولقد مكث أصحاب المسيح على سننه وهديه مائتي سنة‏}‏ هذا حديث غريب، وفي رفعه نظر، والوضين بن عطاء كان ضعيفاً في الحديث، والله أعلم‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الماجيك
عضو ماسى
عضو ماسى
الماجيك


عدد المساهمات : 3978
تاريخ التسجيل : 11/12/2009
العمر : 33
ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Flag

ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Empty
مُساهمةموضوع: رد: ركن التاريخ الاسلامى   ركن التاريخ الاسلامى - صفحة 9 Emptyالثلاثاء يناير 05, 2010 1:41 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ركن التاريخ الاسلامى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 9 من اصل 9انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5, 6, 7, 8, 9
 مواضيع مماثلة
-
» اْشهر 10 احذيه فى التاريخ
» اغلى عشر حوادث في التاريخ :
» أشهر من قال ( لاااااااا ) فى التاريخ الإسلامي
» التاريخ المصور للأنبياء والرسل
» اكثر الشخصيات غموضا فى التاريخ

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: المنتدى الاسلامى :: قسم العقيدة والفقة الاسلامى-
انتقل الى: