زين العابدين عبد المنعم عضو ذهبى
عدد المساهمات : 2091 تاريخ التسجيل : 05/08/2010 الموقع : سواح
| موضوع: الثورة الليبية وتسريح المقاتلين الإثنين نوفمبر 07, 2011 3:50 am | |
| الثورة الليبية وتسريح المقاتلين الإتحاد الاماراتية
2011 السبت 5 نوفمبر
صالح عبد الرحمن المانع
سَعِد العالم العربي أجمع بنجاح الثورة الليبية، وقيام نظام ديمقراطي شعبي جديد. وتباينت أعداد القتلى في أتون الثورة بما يقرب من ثلاثين إلى خمسين ألف ضحية، ناهيك عن الجرحى والمصابين. ولكن الهدف الأساسي للثورة قد تحقق اليوم، وبقيت أهداف
أخرى، لعلّ من أهمها إعادة بناء الدولة الليبية من جديد، وتخفيف حدة الاحتكاكات التي قد تظهر بين المناطق والقبائل الليبية، خاصةً أنّ الكعكة ضخمة، والحرمان طويل.
ولاشكّ أنّ أي ثورة أو حرب أهلية كما حدث في ليبيا بحاجة في نهايتها إلى وضع حدّ نهائي للتعبئة والحشد الذي تعرّض له شبابها وشيبها، الذين انخرطوا في الثورة منذ يومها الأول. وبعد الانتصار تحين لحظة الحقيقة وهي محاولة تسريح أعداد كبيرة
من هؤلاء الشبان وعودتهم إلى مدارسهم وكلياتهم، وعودة الموظفين إلى وظائفهم، والتحول التدريجي من حياةٍ عسكريةٍ صعبة إلى حياةٍ مدنيةٍ هادئة.
وستبقى أعداد من هؤلاء المتطوعين أو الجنود ضرورية لحفظ الأمن والاستقرار في المدن والبلدات الليبية. ولكن الإشكالية هي كيف ينزع سلاح أولئك الشبان؟ وكيف يتم تسريحهم؟ خاصةً أنّ ليبيا تعيش في بعض مناطقها حالة من الفوضى، وخوفاً من قيام
جهات متعسكرة في بعض أطرافها. كما أنّ هناك خوفاً من تحول بعض الأحزاب السياسية إلى أحزاب ذات مليشيات تظل دوماً شوكة في خاصرة الحكومة المركزية.
ولعلّ السبيل الأمثل لذلك هي استدعاء معظم هؤلاء المقاتلين لحماية الحدود الجنوبية والغربية لليبيا، والقيام بحماية الصحارى الليبية من سطوة المهربين، عبر دوريات دائمة من هؤلاء الثوار بحثاً عن أي محظور، ومنعاً لأي عملية تهريب محتملة.
ولاشكّ أن انتقال هؤلاء المقاتلين من المدن إلى المناطق الصحراوية سيعني لهم جزءاً من الاستمرار في شظف العيش وصعوبته، في بيئةٍ صحراوية أو جبلية قاسية. وهو ما قد يشجّع أعداداً منهم على ترك الخدمة أو الرحيل شمالاً نحو (المخزن) أو المدن الساحلية، بحثاً عن وظيفة أو دراسة، أو تجارة.
وهنا، فإن المليشيات ستضمحلّ عبر الزمن، وخلال سنة ونصف السنة إلى سنتين، سنجد أنّ وحدات المقاتلين قد تآكلت ولم يبق منها إلا ما هو جدير بالفعل بالاستمرار في الخدمة العسكرية. وسيكون مثل هذا التسريح عفويّاً وليس مبرمجاً من قِبل السلطة المركزية لغياب الجيش النظامي في الوقت الحاضر، الذي بلغ في فترة من الفترات قرابة أربعة وسبعين ألف جندي.
والأمر الثاني في عملية تسريح المقاتلين، وهو ذو طابعٍ إيجابي، ما أعلنه رئيس المجلس الانتقالي الليبي في يوم إعلان التحرير، وذلك بإعطاء المقاتلين وغيرهم قروضاً ميسّرة من البنوك الحكومية، ودون فوائد. وكذلك زيادة مرتبات الموظفين من العسكريين
والمدنيين، وهو ما سيحمل مزيداً منهم إلى التحوّل إلى الحياة المدنية واستثمار الأموال المتوافرة لشراء المساكن، أو الاستثمار في المشاريع الصغيرة، وكل هذا، ما يعزز تنامي القطاع المدني ومنشآته على حساب القطاع الحكومي أو العسكري.
والأمر الآخر الذي تعرّض له رئيس المجلس الانتقالي هو تشجيع الشباب على الزواج، والسماح بتعدد الزوجات، وهو أمر قد يبدو للبعض أنه خارج مجال عمل أي حكومة مركزية. غير أنه في بلدٍ فقدت فيه الكثير من الأسر راعيها، فهي بحاجةٍ إلى رجلٍ
يقود الأسرة من جديد، ويقلّص من الفجوة الحادثة في أعداد الشباب بعد موت كثيرين منهم خلال سبعة أشهر من القتال في صفوف الثوار.
ومثل هذه الإجراءات الاجتماعية هي بلاشكّ إجراءات إيجابية تساعد في تسريح الشباب من الخدمة العسكرية الطوعية. غير أنّ شبح الانقسامات القبلية والتنافسات الإقليمية قد يهدد مستقبل ليبيا، وهو ما لا نرجوه، خاصةً أنّ ليبيا بلد غني يستطيع ضمان الحياة الكريمة لمواطنيه في هذا العهد الجديد.
وإذا ما كان هناك فراغ أمني في بعض المدن، أو الأقاليم الليبية، فإن من واجب الجامعة العربية ودولها أنّ تملأ مؤقتاً مثل هذا الفراغ، بإرسال قوات حفظ أمن وسلام عربية إلى ليبيا، فحلف "الناتو" الذي ساعدت قوته الجوية في دعم الثوار وإلحاق الهزيمة
بقوات القذافي وحلفائها، لن يتمكن من إرسال قوات مشاة مسلحة لحفظ الأمن والاستقرار على الأرض. ومثل هذا التوجّس من فراغ أمني وعسكري هو ما دفع بالمجلس الانتقالي الليبي للطلب من حلف "الناتو" تمديد مهام عمله في ليبيا حتى نهاية الشهر الحالي.
تهانينا للشعب الليبي بنجاح ثورته، وتمنياتنا أن تنعم ليبيا بالسلام والتقدم والازدهار في عهدها الجديد. | |
|